بقلم : محمد على
من منا ﻻ ترواده فكرة حمل أحلامه علي ظهره و الذهاب بعيدآ إلي حيث ﻻ أحد، وهناك تنتابك رغبة ملحة باﻻنزواء قليلاً حتي الخلوة أو كثيرآ حتي التوحد لتبدأ ساعة الحقيقة باسترجاع شريط حياتك كاملا علي طريقة\” الفﻻش باك \” عندئذ تجد نفسك مجبرآ علي تمعن كل المشاهد المؤلمة التي تظهر لك كم أنت تعيس وانك اصبحت مدمنآ للكذب علي نفسك قبل اﻻخرين في اصطناع التعايش مع ثمة علاقات يومية مهترئة تفتقد ابسط مبادئ التفاعل اﻻنساني نتيجة فشلك في استخدام مهارات واساليب التواصل اﻷمثل مع الآخر ، الم تهجم عليك احيانآ غربة موحشة تنهش في روحك كذئب بري يتضور جوعآ علي الرغم من انك تبدو محاطآ بسيل عارم من الاصدقاء والمعارف ولكنهم مثل زبد البحر ﻻيسمنوا وﻻ يغنوا من جوع كم مرة شعرت انك مثل كائن فضائي هبط الي اﻻرض صدفة غريبآ وحيدآ تتحدث لغة ميتة انقرضت ﻻ يفهمها حتي اقرب الناس اليك ومن ثمّ تضطر ان تصرخ بكل ما اؤتيت من قوة عسي ان يسمعوك ويبادلك الصراخ كل محيطك اﻻجتماعي من حولك في طقس عبثي أشبه بحوار طرشان مستمر الي ما ﻻنهاية عندئذ يعتري المرء احساس احباط مطبق مخيف ممزوج برغبة جارفة بهجر هذا العالم القاسي والولوج طوعآ الي نعيم التوحد داخل سجنك اﻻنفرداي ثم التآقلم رويدآ رويدآ مع سأم الروتين لتقتل نفسك حيآ مع سبق اﻻصرار والترصد بارادتك الحرة.
اذا كان ذلك هو حالك كشخص طبيعي فما بالك باولئك المﻻئكة المتجسدين علي اﻻرض الذين ابتﻻهم الحق بمرض الذاتوية المعروف بالتوحد ذلك المرض الناتج عن اضطراب النمو العصبي الذي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وبأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. الي اﻻن ﻻيزال العلم عاجزآ علي معرفة اسباب المرض ولكن ثمة اجتهادات لم ترقي الي النظرية اليقينية منها عوامل وراثية او مشكلات بالحمل او الوﻻدة او ترسب بعض المعادن الثقيلة مثل الزئبق او مشاكل معوية ومؤخرآ شاع ان هناك بعض لقاحات التطعيم هي السبب. هؤﻻء اﻻطفال عالقون داخل قفص زجاجي شفاف يروا العالم و ﻻ يراهم العالم هم يتمنون ان يكسر احدهم هذا الجدار الفاصل ويحررهم من أسر يأس التوحد و مد يد العون لهم عن طريق الحب مثلما فعلت اﻻمريكية كريستين بارنيت صاحبة كتاب \” the spark\” الذي يروي قصتها مع ابنها جاكوب الذي قال لها اﻻطباء ان ليس هناك اي امل ان يتكلم ليفعل عﻻج الحب المعجزة ويصبح مستوي ذكاء الفتي اعلي من اينشاتين ومرشح لجائزة نوبل في الفيزياء وهو في سن الخامسة عشر ربما ينضم الي قائمة طويلة من عباقرة اصيبوا بالتوحد مثل اديسون ونيوتن واينشتاين و رامانوجان وبيتهوفن وموتسارت ومايكل انجلو وفان جوخ و مارك توين و جورج برنارد شو وستيفن سبيلبرج وبيل جيتس و توماس جيفرسون وآل جور. يبقي السؤال هل يستطيع مجتمعنا توفير البيئة المﻻئمة لهؤﻻء اﻻطفال بشحذ مواهبهم ليبدعوا باستقﻻلية وفاعلية عسي ان نري قريبآ مصريآ يدخل قائمة العظماء