أمهات لأول مرة يعشن أسرى لثقافة \” اسأل مجرب \”

.. و الأطفال يدفعون الثمن

تحقيق : أميرة عبد العزيز

تبتسم الدنيا لمولده حيث يحل ضيفا جديدا على الأسرة و سرعان ما يلتحم بها فيكون فيها فردا فاعلا و مع مولد كل طفل جديد خاصة لو كانت الأم تعيش التجربة لأول مرة تجد الأم نفسها أما مجهول فكيف لها أن تتعامل مع قطعة اللحم الصغيرة هذه و تلتفت حولها فتجد أمها فى ظهرها بكل ما تمثله من خبرة و تحتفظ به من ثقافات و موروثات و تقاليد حتى أن الجدة غالبا ما تكون هى الأم الحقيقية .

و ما بين سيطرة الجدة على تربية الصغير على طريقتها و رغبات الأم الحقيقية التى ترفض التقاليد القديمة كان لـ \” طبيبى الخاص \” هذا التحقيق .

كانت جدتى تردد و من بعدها أمى مقولة شهيرة هى  ( اسأل مجرب ولا تسأل طبيب ) هذه الكلمات بسيطة و لكنها عميقة دائما ما كنت أسمعها إذا ما أصيب أحد أفراد العائلة بمرض ما ، ناهيك عن أن وجود الطبيب فى حد ذاته قد يكون فى حالات حرجة توشك على النهاية .

و لم يكن هذا المثل يتردد فى عائلتنا فقط و لكنه كان فكرا يحيط بالمجتمع عامة ولا يقف ذلك عند حدود الإصابة بمرض ما ولكن يمتد ليشمل كافة النواحى الصحية من فكر المرأة فى فترة حملها حتى تضع الجنين وكيف تقى نفسها من الحسد إلى آخر الموروثات التى لا تزال حتى الآن هى الفكر القائم بين  معظم فئات المجتمع .

و فى معظم الحالات تتكفل الأم والحماة برعاية الطفل الوليد في أيامه الأولى و تبدأ كل منهما فى استخدام خبراتها ، وكلنا يعلم أن الجيل القديم متمسك بأفكاره ، و لا يقبل النقاش فيها .

أراء الأمهات فى الميزان

تقول \” س ـ م \” إحدى السيدات لأننى تزوجت صغيرة لم أكن ملمة بطرق التعامل السليم مع الطفل لذا أوكلت المهمة لأمي ولم أستطع إقناعها بالتخلي عن هذه العادات التي لا أحبها ، ولكن مكرهاً أخاك لا بطل .

وترى \” ه ـ ح \” زوجة أخرى أن العادات القديمة هي الأسلم و الأصح ، ولكن كما تقول لسوء حظي أمي وحماتي لم تكونا بجانبي عند و لادتي ، لذلك لجأت إلى جارتي وعمرها 70 عاماً للاستفادة من خبراتها ، ولو أن العادات القديمة خاطئة لما رأينا شخصاً واحداً من الجيل القديم .

الجدات يعترضن

وعلى الجانب الأخر فقد أبدين الجدات عدم الرضا عما يمارسه هذا الجيل قائلات ربينا أولادنا على عاداتنا ولم نرَ أي مشكلة ، فالكحل يعطي العين الصفاء ، والسكر ضروري في الأيام الأولى لتغذية الطفل ، كذلك الينسون لتهدئته ، والملح لمنع انتشار الروائح من قدميه وكفيه مستقبلاً ، وهذه الأمور إن لم تنفع الطفل فهي لا تضره .

‏كيف يفسر الأطباء هذه العادات ؟‏

– ماهي التفسيرات العلمية لهذه العادات وماهو الصحيح منها؟

يقول الدكتور فراس مطر الاختصاصي بأمراض الأطفال ‏من الممارسات الشائعة تمليح الطفل ، وهذه عادة خاطئة لأن الملح يسحب السوائل من وسط إلى آخر ، وليس له أية فائدة صحية علمياً ، وإن كان بعضهم يقول بأن الملح معقم فإننا نقول له إن سائل الزلال الذي كان يعيش الطفل فيه غير مجرثم .‏

عادة أخرى خاطئة وهي وضع الكحل في عيني الطفل الوليد لأن الكحل الموجود في الأسواق تدخل فيه مادة الرصاص في تركيبته ، وتقوم العين بامتصاص هذه المادة وتجري مع الدم وترسب في الكبد .‏

هناك أمر آخر لا ينتبه إليه الأهل وهو عدم مراعاة الابتعاد عن التجمعات لاسيما في الأشهر الأولى من ولادة الطفل ، حيث يكون في هذه المرحلة حساس جداً ، والتقاطه للأمراض لاسيما «الرشح» سريع جداً وهنا ننصح بالابتعاد عن التجمعات قدر الإمكان .‏

وأيضا هناك من يلجأ إلى إعطاء الطفل المولود ماء وسكر أو ينسون في الساعات الأولى وهذا خاطئ أيضاً ، لأن معدة وأمعاء الطفل غير مهيأتان بشكل جيد لاستقبال سوائل غير « حليب الأم » ما يؤدي لانتفاخ بطنه ، ويكفي مادة الصمغة من ثدي الأم لتغذية الرضيع وهي أكثر من كافية ، ولا مانع من إعطائه الماء .‏

أما الأمر الأكثر شيوعاً وهو تقميط الطفل أي تحزيم المولود بقطعة من القماش لمنعه من الحركة ، بحجة شد أطرافه وجسمه ، وهذه عادة أيضاً خاطئة لأنها تعيق حركة الطفل ، وتبطئ نموه الجسدي ، واستجابته وتفاعله مع المحيط الخارجي ، ويعيق طرح الفضلات من جسمه ، وأيضاً تعيق تنفسه الطبيعي بسبب الضغط على الصدر والحجاب الحاجز ، والأهم أن الطفل يبقى لفترة طويلة في قماطه ، ما يجعله يبتل وتسبب مادة اليوريا الناتجة عن البول تآكلاً  للجلد و التهابه .

بالرغم من أن مصر مليئة بعادات وتقاليد حسنة إلا أنها مليئة أيضا بعادات وتقاليد سيئة ، وطبقا لهذه العادات والتقاليد السيئة نجد ان الشعب المصري يضع نفسة تحت ضغط كبير علميا وثقافيا واجتماعيا وفكريا بالرغم من ان الحياة ابسط بكثير .