
د. أشرف رضوان
يبقى السؤال .. لماذا لم يتطرق مجلس النواب لأزمة النصب العقارى حتى الآن ويتصدى لها؟! لماذا تغير موقف المجلس الموقر بين يوم وليلة فى قراره الذى اتخذه بتشريد ملايين المواطنين وطردهم من منازلهم بعد سبع سنوات والكلام السائد أنه تلقى تعليمات لتغيير موقفه . وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يدخل عضو المجلس بالانتخابات وهو لا يعبر عن إرادة الشعب. فلتكن بالتعيين على الأقل يتم توفير ملايين الجنيهات التى يصرفها كل ناخب على الدعاية. وسؤال آخر كيف يترك حزب يتقاضى رشاوي بالملايين من الناخبين لكى يضعهم على قائمته دون حساب من الجهات المسؤولة.
ما يحدث فى مصر لا يليق بمكانتها بين دول العالم. لقد أصبحت الصورة التى تم تصديرها للخارج أن لا أحد داخل المجلس يمثل الشعب إلا من رحم ربى وهؤلاء قلة قليلة لا يمثلون أغلبية فى المجلس أى لا حول لهم ولا قوة. وقد ظهر هذا المشهد جليا أثناء مناقشة تعديل قانون الإيجار القديم . فإلى متى سيظل المجلس تابعا لتعليمات الحكومة وينفذ ما يملى عليه من قوانين ضد إرادة الشعب وإلى متى ستظل الحكومة تعمل ضد مصالح الشعب مدعية أنها تعمل للصالح العام. فأى صالح عام يتحدثون عنه والمواطن أصبح لا يستطيع أن يحصل على قوت يومه فى الوقت الذى تحتفل فيه الدولة بافتتاح المتحف الكبير الذى صُرف عليه ملايين الجنيهات!.
لا أحد ينكر اهمية هذا المتحف من حيث العائد المادى الذى سوف تجنيه الدولة من أثر السياحة بعد افتتاحه ولكن الشعب يرى فى جميع المشروعات التى صرف عليها المليارات وكانت سببا فى تراكم الديون أنها لم ترفع مستوى معيشته بل على العكس أصبح المواطن يعيش أسوأ مراحل حياته خاصة بعد تعويم الجنيه بشكل مبالغ والذى أدى إلى ارتفاع الأسعار بجنون مع الإبقاء على المرتبات بما لا يتناسب مع التضخم . إن مستوى المعيشة المتدنى طال الجميع فالكل يعانى حتى وإن كان غنيا لأنه يزيد عليه الالتزامات ومرتبات العاملين لديه وخلافه . لقد أجرت الحكومة الكثير من التجارب على جيوب الشعب ولم تفلح ولكنها تصر على السير بنفس المبدأ حتى الآن فهى لا ترى أية أفكار تدر عائد على الدولة غير جيب المواطن على الرغم من أن هناك العديد من خبراء الاقتصاد قدموا روشتة علاج للاقتصاد المصرى بعيدة تماما عن جيب المواطن إلا أن الحكومة أرادت أن تسلك الطريق السهل وهو جيب المواطن عملا بالمثل الذى يقول عصفور فى اليد خير من ألف على الشجرة!.
والآن من حق المواطن أن يسأل أين ذهبت كل هذه الأموال وأين عائد المشروعات العملاقة طوال هذه السنوات وكيف يقال إن الحكومة لا تزال تسدد فى فوايد الديون وليس الديون نفسها بعد كل هذه السنوات. والغريب أن الحكومة مستمرة رغم كل هذا الفشل وكأن لم يوجد خبراء فى هذا البلد سوى الموجودين فى هذه الحكومة، فإذا تقدمت بمشروع تعديل للإيجارات القديمة فهى تعرف ماذا تفعل وتعرف أن هذا فى مصلحة الشعب! وهى إذا لم تتدخل لحل مشكلة النصب العقارى الذى أصبح فى معظم شركات التطوير العقارى فهى تعرف أن هذا لمصلحة الشعب! ربما لأن هذه الحكومة ترى أشياء لم يراها الإنسان العادى فهى تؤمن بمبدأ خالف تعرف.
لقد أصبح المواطن لا يخاف من شىء فى حياته إلا الحكومة وقراراتها التى من وجهة نظرها تصب فى مصلحة المواطن ولكن ما يحدث هو العكس . المعروف فى برنامج أية حكومة فى أية دولة محترمة يبدأ بتوفير سبل الحياة الكريمة للمواطن وأساسيات الحياة التى ينص عليها الدستور وهى المعيشة والسكن الذى يجب أن توفره الحكومة بدلا من أن تحرم المواطن منه وتطرده بقوانين جائرة بمساعدة مجلس نواب ضعيف لا يقوى على التصدى لها لأن معظمه لم يكن موجودا من أجل مصلحة المواطن وكيف يرعى مصالح المواطن وهو مشغول بتعويض الملايين التى دفعها فى حملته الانتخابات لاستردادها مرة أخرى؟!
لذلك نقولها مرات ومرات أن ما يقلق الحكومة هو رفع الحصانة عن عضو مجلس النواب خارج المجلس لأنها تعرف جيدا أن أعضاء المجلس الذين سوف يتقدمون للترشيح فى هذه الحالة هم فعلا من يمثلون الشعب ولن يتنازلوا عن أية قرارات لمصلحة الشعب وهذا ما تراه الحكومة على عكس ما تسير عليه. فالحكومة ترغب فى مجلس نواب يخضع لأوامرها واقتراحاتها.
لو أردنا لهذا البلد أن تتقدم فلن يحدث طالما أنه لدينا مجلس نواب بالكرتونة ومائتى جنيها .



