ترجمته عن الفرنسية: د. يسرا محمد مسعود
لماذا جذب افتتاح المتحف المصري الكبير أنظار العالم أجمع؟
يضم العالم العديد من المتاحف الكبرى مثل متحف اللوفر في باريس، والمتحف البريطاني في لندن، ومتحف برادو في مدريد، ومتحف الإرميتاج في سانت بطرسبرغ. لكن ما الذي يجعل متحفنا مختلفًا؟
السر يكمن في أنه أُنشئ خصيصًا ليكون متحفًا عالميًا، بينما معظم المتاحف الشهيرة في العالم كانت في الأصل قصورًا ملكية تضم حجرات متعددة تسمح بعرض المقتنيات. أما المتحف المصري الكبير، فقد تميّز تصميمه العبقري – الذي اختير من بين آلاف التصاميم – باحترامه العميق للتاريخ والآثار المصرية التي أُقيم من أجلها.
ففي حين تعبّر المتاحف القديمة عن القوة المعمارية للقصور الملكية، تتجلى عبقرية التصميم المعماري لمتحفنا في أنه لا ينافس الحضارة المصرية القديمة المعروفة بعبقريتها المعمارية، بل يحتفي بها ويُبرز عظمتها.
وقد شُيّد المتحف بطريقة تمنح الزائر إحساسًا بأنه مبنى من طابق واحد، رغم أنه يمتد رأسيًا ليعادل مبنى من ثلاثة عشر طابقًا. هذا الإيهام البصري الذكي يعزز الإحساس بأن المتحف انحنى رمزيًا أمام عظمة الحضارة التي يعرضها، وهو ما يتجسد بوضوح في تمثال رمسيس الثاني العملاق الذي يتصدر بهو المتحف، حاجبًا كل ما يدور حوله.
ولعل من أكثر القرارات عبقرية، وضع هذا التمثال داخل المتحف وليس خارجه، بفضل رؤية الفنان فاروق حسني، الأب الروحي لهذا الصرح الفريد. وأعتذر – كما قال الكاتب – عن تكرار كلمة “عبقري”، فهي الوصف الأدق تقريبًا لكل ما يتعلق بالمتحف.
أما الخصوصية الأخرى لهذا المبنى الفريد، فهي أنه خالٍ من الزوايا القائمة والخطوط المتوازية، إذ بُني بالكامل على هيئة مثلث يستلهم شكله من أحد أعظم الإنجازات المعمارية في تاريخ البشرية: الهرم. فالمستوى الأفقي للمتحف يأخذ شكل الهرم، كما أن الكتل الرخامية التي تُكوّن واجهته جميعها ذات طابع هرمي.
ويُعد هذا التكوين المعماري انعكاسًا لأحدث الاتجاهات في الفكر المعماري المعاصر، ما يجعله قادرًا على تجاوز جميع المتاحف التي سبقته في الرؤية والتصميم.
كما أن مفهوم عرض القطع الأثرية في داخله يمثل نقلة نوعية، إذ يستند إلى أحدث التطورات في علم المتاحف (Museology)، ليقدّم للزائر تجربة بصرية وثقافية غير مسبوقة.
إن الجوانب المذهلة في هذا المتحف، الذي استحوذ على اهتمام العالم حتى قبل افتتاحه، كثيرة، لكن المساحة هنا لا تكفي لتناولها جميعًا.
المصدر:
