بسمة مصطفى
شاركت منظمة الصحة العالمية في فعاليات قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي، حيث أكد الدكتور نعمة سعيد عابد، ممثل المنظمة في مصر، أن الاستثمار في الصحة يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار المجتمعي.
وأوضح أن مفهوم الصحة يتجاوز غياب المرض أو العجز، حيث يشمل اكتمال السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن كل دولار يُستثمر في الصحة يمكن أن يحقق ما يصل إلى أربعة أضعاف قيمته في الإنتاجية والرفاه الاجتماعي، وهو ما يجعل الصحة استثمارًا استراتيجيًا عالي العائد وليست عبئًا على الميزانيات.
جاء ذلك خلال القمة المنعقدة في دورتها الـ28 تحت شعار “تكامل اقتصادي.. استثمار وفرص.. شراكات دولية”، والتي ينظمها اتحاد المستثمرات العرب برئاسة الدكتورة هدى يسي، في الفترة من 19 إلى 22 أكتوبر 2025، برعاية جامعة الدول العربية، وبمشاركة وزارات وهيئات اقتصادية عربية ودولية وبحضور وفود من 35 دولة.
الصحة.. استثمار في المستقبل
أكد د. نعمة أن الاستثمار في الصحة هو استثمار في التعليم والنمو الاقتصادي والسلام، مشيرًا إلى أن اقتصاد الرفاهية يهدف إلى تعزيز كرامة الإنسان، والحفاظ على البيئة، وترسيخ العدالة الاجتماعية والمشاركة المجتمعية من خلال مشروعات اقتصادية محلية.
وأوضح أن رسالة منظمة الصحة العالمية تتمحور حول تعزيز الصحة، وتوفير الخدمات الأساسية، وحماية الناس من الطوارئ الصحية، وأن التغطية الصحية الشاملة (UHC) تبقى الهدف النهائي، لضمان عدم اضطرار أي شخص للاختيار بين العلاج أو الوقوع في الفقر. ولتحقيق ذلك، يجب بناء أنظمة صحية مرنة وقادرة على الصمود، ترتكز على الرعاية الصحية الأولية.
أرقام تدق ناقوس الخطر
أشار ممثل المنظمة إلى أن إقليمي شرق المتوسط وأفريقيا يواجهان تحديات كبيرة، حيث لا يتجاوز متوسط مؤشر التغطية الصحية الشاملة 60 من أصل 100، ما يعني أن نصف السكان تقريبًا لا يحصلون على الخدمات الصحية الأساسية، كما تدفع ملايين الأسر إلى الفقر نتيجة الإنفاق الصحي من الجيب الذي يتجاوز في بعض الدول ثلث الإنفاق الصحي الإجمالي.
وقال: “هذه ليست مجرد أرقام.. إنها أزمة عدالة وإنصاف”.
ثلاث مبادرات لتعجيل التقدم الصحي
1. الوصول العادل إلى المنتجات الطبية
يشير د. نعمة إلى أن الاعتماد الكبير على الاستيراد يجعل الأنظمة الصحية عرضة للصدمات العالمية، بينما يُهدر أكثر من 50% من الإنفاق على المنتجات الطبية الأساسية بسبب سوء الاستخدام وضعف التنظيم. وتركز المبادرة على:
تعزيز الأنظمة التنظيمية.
دعم الإنتاج المحلي.
إنشاء آلية إقليمية للشراء الجماعي.
بما يضمن عائدًا اقتصاديًا مباشرًا على الدول.
2. قوى عاملة صحية قادرة على الصمود
أوضح أن أقاليم المنطقة تعاني عجزًا متزايدًا يُقدّر بأكثر من 2.1 مليون عامل صحي بحلول 2030، مع تفاوت حاد في عدد العاملين المهرة من 8 إلى أكثر من 100 لكل 10 آلاف شخص. وتهدف المبادرة إلى:
زيادة الاستثمار في القوى العاملة الصحية.
تحسين توزيع الكوادر وضمان استبقائهم.
تعزيز التعاون الإقليمي وتبادل الخبرات.
3. مواجهة اضطرابات تعاطي المواد
أشار إلى ارتفاع معدلات الاضطرابات المرتبطة بتعاطي المواد بنسبة 137% خلال العقود الثلاثة الماضية في إقليم شرق المتوسط، بينما يحصل شخص واحد فقط من كل 13 على العلاج. وتهدف المبادرة إلى تبني استجابة صحية شاملة ترتكز على الوقاية وتقليل الضرر وتكامل العلاج مع الرعاية الصحية الأولية.
دعوة إلى الاستثمار في الصحة
اختتم د. نعمة كلمته بدعوة إلى تحويل النظرة إلى الصحة من “عبء مالي” إلى “أصل وطني استراتيجي”، مؤكدًا أن الاستثمار الجماعي والمستدام في الصحة هو الطريق لبناء أنظمة صحية مرنة تضمن مجتمعات أكثر صحة وازدهارًا واستقرارًا.