مع نسمات فجرٍ اليوم الثلاثاء مرّ طيف الموت ونادى المنادي برحيل العالِم الجليل أحمد عمر هاش أحد فرسان المنابر، وصوت الأزهر الذي حمل للناس سنين طويلة ضياء العلم ودفء الإيمان.
من بين جدران قرية بني عامر، خرج يومًا يحمل في قلبه نورًا، وها هي القرية اليوم تعود لتحتضن جسده بعد أن أنهى رحلته الطويلة بين المحاريب والمنابر والقلوب.
القرية تستعد اليوم، كأمٍّ تُعِدُّ صدرها لوداع ابنها الذي كان ضوءها وبهاءها، تنتظر الجثمان الطاهر الذي سيعود محمولًا على أجنحة الدعاء من الجامع الأزهر الشريف، حيث سيُصلّى عليه بعد الظهر، قبل أن يوارى الثرى في الساحة الهاشمية، في موكب مهيب يختلط فيه البكاء بالتكبير.
رحل الشيخ، لكن صوته لا يزال يتردد في أركان الأزهر، في قاعات الدرس، وفي صدور تلاميذه الذين حملوا عنه مشعل الهداية.
كان إذا تكلم، سكنت القلوب، وإذا دعا، اهتزت الأرواح من شدة الصدق. واليوم، وقد غاب جسده، بقي أثره شاهدًا بأن من يزرع النور لا يموت.
على صفحة التواصل الاجتماعي التي طالما حملت أقواله وبصماته، كُتبت الكلمات الأخيرة:
“ننعي إلى العالم العربي والإسلامي وفاة فقيدنا الحبيب الإمام الشريف الدكتور أحمد عمر هاشم…”
كأنها سطور وداع كتبها التاريخ بدمع القلب.
وفي المساء، ستتعانق الدموع في الساحة الهاشمية بقرية بني عامر، حيث سيُقام العزاء، بينما تستعد القاهرة لاستقبال محبيه في يومٍ آخر من الحنين والوفاء.
رحل العالم، لكنّ العِلْمَ لم يرحل…
وغاب الجسد، لكنّ الذكرى ستظلّ تتوضأ كل صباحٍ بنور اسمه.