كتب: محمد سليمان
أكد تقرير جديد صادر عن التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، التابع للأمم المتحدة، أن غزة دخلت رسميًا مرحلة المجاعة، حيث يعيش أكثر من 500 ألف شخص في ظروف تتسم بـ«الجوع الشديد والموت الناتج عن سوء التغذية»، في سابقة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.
وأشار التقرير إلى أن هذه الأوضاع مرشحة للتفاقم خلال الأسابيع المقبلة، مع امتداد نطاق المجاعة من مدينة غزة إلى دير البلح وخان يونس، في ظل الانهيار شبه الكامل للخدمات الأساسية وصعوبة وصول المساعدات.
أرقام صادمة ومراحل متقدمة من الجوع
يتوقع التقرير أنه بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، سيواجه نحو 640 ألف شخص مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، وهو التصنيف الأعلى «المرحلة الخامسة» في مؤشر الجوع. كما سيكون أكثر من 1.14 مليون شخص في «مرحلة الطوارئ» (المرحلة الرابعة)، وقرابة 396 ألف شخص في «مرحلة الأزمة» (المرحلة الثالثة).
وأكدت النتائج أن 98% من الأراضي الزراعية في غزة متضررة أو غير قابلة للوصول، وهو ما أدى إلى انهيار منظومة الإنتاج الغذائي المحلي. كما أوضح أن 9 من كل 10 أشخاص تعرضوا للنزوح المتكرر، بينما وصلت أسعار الغذاء إلى مستويات قياسية مع شح الوقود والمياه اللازمة للطبخ، وتوقف الأسواق والخدمات.
معاناة النساء والأطفال
رصد التقرير أن أكثر من 12 ألف طفل في غزة يعانون من سوء تغذية حاد حتى يوليو (تموز) الماضي، وهو أعلى رقم يُسجَّل على الإطلاق في القطاع، بزيادة بلغت 6 أضعاف منذ بداية العام. ومن بين هؤلاء، نحو 25% في حالة «سوء تغذية حاد وخيم»، وهو أخطر أشكال سوء التغذية وأكثرها فتكًا.
كما ارتفع عدد النساء الحوامل والمرضعات اللواتي يعانين من سوء تغذية يهدد حياتهن من 17 ألف حالة في مايو (أيار) إلى 55 ألف حالة متوقعة بحلول منتصف 2026. وأشار التقرير إلى أن واحدًا من كل خمسة أطفال يولد مبكرًا أو بوزن منخفض، في ظل تراجع حاد في الرعاية الصحية الأساسية.
تحذيرات أممية
وفي تعليقات على التقرير، قال شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو): «الناس في غزة استنفدوا كل وسائل البقاء. الجوع وسوء التغذية يحصدان الأرواح يوميًا. الوصول إلى الغذاء ليس رفاهية بل حق إنساني أساسي».
من جانبها، أكدت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي: «التحذيرات من المجاعة كانت واضحة منذ أشهر. المطلوب الآن زيادة ضخمة في المساعدات وظروف أكثر أمانًا لتوزيعها».
وقالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لـ«يونيسف»: «المجاعة واقع مأساوي في غزة وتهديد وشيك في دير البلح وخان يونس. الأطفال يموتون من الجوع والمرض أمام أعيننا».
أما تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، فشدد على أن «وقف إطلاق النار واجب إنساني وأخلاقي الآن. الأمراض البسيطة أصبحت قاتلة، والنظام الصحي ينهار بسرعة».
دعوة عاجلة
وأكد البيان المشترك للمنظمات الأربع أن إنقاذ الأرواح يتطلب وقفًا فوريًا ودائمًا لإطلاق النار، وضمان الوصول الإنساني الكامل دون عوائق، إلى جانب زيادة ضخمة في إمدادات الغذاء والمياه والوقود، ودعم القطاع الصحي العاجز، واستعادة الإنتاج الغذائي المحلي، والتجارة، والخدمات الأساسية؛ لتجنب كارثة إنسانية أوسع.
