د. أشرف رضوان
يتساءل كثير من ضحايا النصب العقارى عن سبب غض النظر من لجنة الإسكان بمجلس النواب فيما يخص ما تفعله بعض شركات النصب العقارى مع الملاك. فعلى الرغم من تأييد لجنة الإسكان لمشروع تعديل الإيجار القديم والذى يشوبه الكثير من الثغرات ذات العوار الدستوري حسب المتخصصين فى الفتاوى الدستورية إلا أنهم لا يعيروا نفس الاهتمام إلى ضحايا النصب العقارى على الرغم أن هؤلاء الضحايا لهم كل الحق بالمستندات التى تكفل لهم حقوقهم القانونية .
وبمتابعة هذه الأمور وجدنا السبب المقنع وراء غض النظر عن هؤلاء الضحايا سواء من الحكومة أو مجلس النواب. فكل ما يهم الحكومة هو أن تستفيد من أى قانون بعائد مادى يسهم فى سداد جزء من الديون المتراكمة على الدولة والتى لا دخل للمواطن فيها ولم يتسبب فى هذه الأزمة بل هى نتيجة تراكمات من سياسات الحكومات المتعاقبة إلى أن وصلنا لحالة صعبة.
الحكاية تبدأ عندما انطلقت بعض شركات النصب العقارى بعروض وهمية لجذب الملاك الحاجزين فى مشروعاتهم الوهمية نتيجة الأسعار الزهيدة وتسهيلات الدفع الأمر الذى دفع الكثير إلى الإسراع لحجز هذه الوحدات. أما العقود فتعتبر عقود إذعان لصالح الطرف الأول وهو الشركة وليس هناك أية قيود أو إلزام فى العقد يجبر الشركة على دفع غرامة أو التسليم فى الميعاد، بل وعلاوة على ذلك تدفع الشركة عن طريق خدمة العملاء ببعض الموظفين بها للتحدث تليفونيا مع الملاك الضحايا للمساومة على دفع المزيد من المبالغ الغير منصوص عليها فى العقد مما يعد ابتزازا واضحا واستغلال لموقف الشركة القوى. وعند رفض المالك يظل الوضع على ما هو عليه ولم يحصل المالك على أية نتائج، ليس هذا فحسب بل ويزيد على ذلك أن بعض هذه الشركات تستغل المبالغ المدفوعة من هؤلاء الملاك لاستثمارها فى مشروعات أخرى، ومثال ذلك إحدى شركات النصب العقارى المشهورة فى رأس سدر استطاعت أن تستثمر أموال الملاك الضحايا لتكوين شركة إنتاج سينمائي والغريب أن هذه الشركة لم تكتف بالنصب على الملاك الضحايا بل امتد النصب ليشمل شركاء الشركة فى الإنتاج فى بما يقرب من مليون جنيه وهذا الأمر وصل إلى تحذير من غرفة صناعة السينما بضرورة دفع المبلغ للشركة الأخرى. أى ان النصب فى هذه الشركة ليس وليد الصدفة بل أسلوب حياة!.
كل هذه الأمور كان من المفترض أن تستدعي التدخل من أجهزة الدولة للقبض على أصحاب هذه الشركات النصابة والتحفظ على أموالهم وممتلكاتهم لتعويض الملاك الضحايا وهو ما لم يحدث حتى الآن! أما الأسباب المنطقية لعدم تدخل الحكومة أو مجلس النواب فى هذه الأمور على الرغم من تدخلها وبشكل سريع فى سرعة إصدار تعديل قانون الإيجارات القديمة فهو أن الحكومة سوف تجنى من وراء هذا التعديل المليارات من المستثمرين الذين سوف يسعون إلى شراء المبانى القديمة وخاصة فى وسط البلد لإقامة مشروعات كبرى عليها .
ومن ناحية أخرى فالحكومة سوف تجنى مبالغ كبيرة من الضرائب التى سوف تفرض على الملاك بعد تغيير القيمة الإيجارية، هذا بالإضافة إلى بيع الكثير من الوحدات المطروحة من الحكومة على المستأجرين الذين سوف يتم اخلاؤهم بعد سبع سنوات أو خمس سنوات بالنسبة للنشاط التجارى!
كل هذه المكاسب تجعلنا نؤكد نوايا الحكومة فى جمع المال بصرف النظر عن مصلحة المواطن. فالحكومة لا تجد فى إنقاذ ضحايا النصب العقارى سببا لتدخلها لأنها لن تستفيد من وراء هذا التدخل ماديا فتركت النزاع بين المالك والمستثمر النصاب للمحاكم التى اكتظت بهذه القضايا وتم الحكم فى معظمها لصالح المالك ولكن لا يستطيع التنفيذ! وكان من الأولى أن يتم سحب هذه المشروعات من الشركات الغير جادة ويتم تسليم الوحدات الخاصة بها للملاك عن طريق الحكومة حتى إذا اضطرت الحكومة إلى تحصيل بعض المبالغ الإضافية على سبيل الرسوم أفضل من ترك الملاك فريسة لهؤلاء الأباطرة مستثمرى النصب العقارى.
وعلى الرغم من وعود الحكومة بالتدخل منذ أكثر من عامين بين المالك والمستثمر لفض هذه المنازعات ولضمان حقوق الملاك إلا أن هذا القرار لا يزال حبرا على ورق بدون تنفيذ؟!