أحد الآثار المهمة لحرب غزة والمستمرة حتى اليوم كشفت عن عدد كبير من اليهود الذين يرفضون الصهيونية، وهم أعداء لإسرائيل وسياستها البربرية ضد الفلسطينيين.
إن ظاهرة اليهود المعادين للصهيونية فى العالم ليست بجديدة، فقد ظهرت مع ميلاد الصهيونية كفكر سياسي يؤمن فقط بإقامة دولة عنصرية على الأراضى الفلسطينية لليهود وتهجير الشعب الأصلى عن طريق العنف والإرهاب بذريعة أن فلسطين هى الأرض التى وعد الله اليهود بها فى التوراه.
وحقيقة الأمر تتعلق بادعاء بحت لأن مؤسسي الدولة اليهودية فى فلسطين بداية من بن جوريون إلى جولدا مائير وموشيه ديان كانوا ملحدين استخدموا نصوص التوراه لأغراض سياسية.
والغريب أن جزءا كبيرا من اليهود المعادين للصهيونية يعتقدون أن دولة إسرائيل المذكورة فى التوراه ليس لها علاقة بالدولة اليهودية الحالية وأن وقتها لم يأت بعد. والبعض الآخر لا يرفض إسرائيل من منطلق وجهة نظر دينية. ولكن من وجهة نظر تقدمية ترفض الاستعمار الذى عرفناه خلال القرون الماضية، لأنهم مقتنعون بحق الشعوب فى تقرير المصير والحقوق الأخرى المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والذى يمثل علامة على بداية عصر جديد فى تاريخ الإنسانية.
وقد استفادت حرب غزة من زيادة عدد اليهود الذين صرحوا بشكل واضح من معاداتهم للصهيونية. وقد أشارت الكاتبة اليهودية الكندية نعومى كلين فى خطابها خلال اجتماع عام اعتراضها على استمرار الحرب فى غزة، معلنة أنه يوجد يهود يعبدون وثن زائف كأجدادهم الذين كانوا يعبدون العجل الذهبى وإن هذا الإله أو الوثن يسمى الصهيونية.
واختتمت كلين قائلة: “إننى أفكر فى موسي وغضبه عندما نزل الجبل ووجد الإسرائليين يعبدون عجل ذهبى، ما يدل على أن الصهيونية هى عبودية زائفة أخذت فكرة الأرض الموعودة وحولتها إلى عقد بيع لدولة عرقية عسكرية، فإنه معبود زائف يقتبس قصصنا التوراتية من العدالة ويحولها إلى أسلحة وحشية لسرقة الأراضى المستعمرة، وإلى خريطة طريق للتطهير العرقى والإبادة الجماعية”.
المصدر: مقال للكاتب محمد سلماوى، جريدة الأهرام إبدو الفرنسية، ، 18سبتمبر 2024.