كأس الردى و الحب … !
سطور من ملفات العشق القديم ..
قصة قصيرة يكتبها : خالد حسن النقيب
على الطاولة كان يجلس وحيدا كعادته كل صباح يشخص ببصره المنهك عجزا و مرضا فى الأفق ..
يعيش فى عالم آخر لا يدركه غيره حتى ترتفع الشمس فى كبد السماء ..
تقترب منه ابنته ، يستند إليها عائدا إلى غرفته ، ينزوى بها حتى صباح اليوم التالى ليجلس إلى نفسه و عالمه ..
.. و لكنه فى ذلك الصباح لم يأت و تلاه صباح و صباح و لم يأت ..
بضع كلمات تصدرت صفحة الوفيات بالأهرام نبأت عنه ..
رحل إلى عالمه الذى كان يترقبه منذ أن افترق عنها ..
ناجاها شاخصا ببصره كثيرا و كانت تناجيه حتى رحل إليها ..
لم يحطه تقدم العمر بسوار المرض و الوهن .. وقف قبالتها كما رأته أول مرة مشرقا تنبض روحه بالحب ..
حتى هى لم تغيرها سنوات العمر البعيدة .. روحها تسرى فى قلبه لم تغادره ..
قالت له كنت أرقبك فى زاوية الحديقة شاخصا و ناديت عليك كثيرا و لكنك لم تسمعنى ..
أراد أن يشير إلى سماعة الأذن معتذرا فلم يجدها و هاله أنه يسمعها جيدا هو الذى أحاط به الصمم منذ زمن بعيد ..
ربتت على روحه بقلبها و أخذته و صعدت إلى السماء ..
لم يكن فى حاجة إلى من يساعدة فى مغادرة فراشه .. أغمض عيناه و لم يفتحهما .. انطوى زمنه العجوز و انطوت أمراضه .. ارتفع إليها بكامل روحه فى رحلة خاطفة حيث كانت عيناه ترحل كل صباح ..
.. و جاء صباح جديد .. و لم يكن مقعده شاغرا ..
جلست إمرأة عجوز بنفس هيئته الشاخصة إلى السماء تنتظر موعدها ..
.. و ما أن همت بالرحيل حتى جاء شاب صغير استندت إليه و هى تقول له كان جدك يوما هنا …. !!