ربما كانت تريد شيئا ما عندما أشارت لى بعينيها و ربما كان وهما فمن أنا كى تنزل من عليائها و تحفل بى .
نظرتها لم تغب عن خيالى .. فى طريقى إلى البيت حوار بداخلى لا ينقطع تزداد معه حيرتى بين مصدق و مكذب .. هل من المعقول أن يحدث هذا و بعد كل هذا الصبر ؟ .. سنوات مضت و أنا أرنو من دارها فى أطراف القرية و كل مناى أن أكحل عيناى برؤياها أو أستظل من حريق شمس الظهيرة بظلها عندما تطل من شرفتها .
منذ رأيتها أول مرة و كأن عيناى قد توقفتا عن الرؤية إلا منها .. لم أعد أستطيع الحياة من دونها .. كلما مرت من أمامى تعاودنى الرغبة فى رؤيتها ثانية .
عام مضى و أنا أقضى نهارى على بابها حتى ظن بى أهل القرية الظنون .
اليوم و اليوم فقط عرفت أنى لست مجنونا فقد أشارت لى بلفتة رضا ثم خطفتها زوايا البيت و بقيت نظرتها شيئا فى قلبى أقسم به للناس أنى على حق .
بالقرب من الترعة كنت أقفز فرحا هنا و هناك لا تسعنى الدنيا على رحابتها أصرخ بملىء فى باسمها .. أنافس الطير فى السماء أريد أن أثبت لهم أننى أستطيع التحليق و الارتفاع .
كان النور يملأ عيناى و لكنه تحول إلى ظلام و يد غليظة أطبقت على من كل اتجاه و صوت أجش نهرنى و مالبث أن حملنى مجهولون إلى مكان بعيد فى آخر الدنيا .
كثيرون من حولى لا يعرفونى و لا أعرفهم أتبادل معهم كلمات كثيرة و لكنها غير مفهومة و لا تحمل معانى معينة .
الغريب أنى لم أعد أراها و كأنها منعت من منى أو منعت منها .
أين ذهبت و هل حقا نجح ذلك الرجل الأبيض الذى ينقض على كل صباح ليغرس حقنته فى جسدى فى أن يمحوها من ذاكرتى .. ربما ………… !!
أرقد على سرير ابيض فى مستشفى الأمراض العقلية مريض بالحب .
هنا يعاملونى على أنى مجنون و أنا استكنت إلى ذلك مع الوقت كوسيلة للهروب من واقع مر .
هنا أشعر أن الخيال هو الواقع و الواقع هو الخيال و لكن ما يحزننى أنى لم أعد أراها .. هل حقا كانت وهما ؟