الأربعاء, يونيو 4, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةمقالاتمنار الصغير تكتب:"الإِفتُ"...."أصبحنا نهيم في فوضى الأخلاق والبذائة تقودناونقودها"

منار الصغير تكتب:\”الإِفتُ\”….\”أصبحنا نهيم في فوضى الأخلاق والبذائة تقودناونقودها\”

أظن أننا نتذكر قياسًا لبوابات مدن الذاكرة وسلالم الماضي من أعمارنا كيف كان آباؤنا يوجهوننا ناحية الأفعال والأقوال فيما يجوز ولا يجوزمنها بقول كلمة \”هذا عَيب يا بني\”، وكيف كانت قلوبنا ترتجف رهبة من قول الأم \”سوف أشكو لوالدك\”.
كيف..وكيف..وكيف…
كان العيب كأسفار للدين تكمّل أخلاقنا وتقوّمنا. لكن ومع اختلاف الأزمنة ومواضع إعراب التقدم أصبح \”السُّفه\” الغائر و \”القُبح\” المتردي باللفظ الصريح بكل ما هو منتمٍ إلى عريٍ في الكلم وعدم احتشام في الحديث شكل من أشكال الحرية . نمشي على هدي البصيرة بما تراه الأعين في النقل بلا عقل، في التحدّث بلا تأدب وفي الاستماع دون إنصات.

نرى بين الغِيدِ غانيات اللفظ والفعل ممن زيّفوا مفاهيم التحرّر وأطلقوا تلابيب اللسان بكل ما هو قمئٌ للعين ومُذِّلُّ لصمت المتأدب. ضاعت من بين الفتيات رائحة القهوة وخجل الياسمين بحجة المساواة بين الذكور. فهل المساواة بينكم وبين الذكور هو حلق الشعر وارتداء ما يشبهكنّ بالذكور واطلاق اللسان في البذائة؟! ربما.
أصبحت رايات البذائة تلوح في أفق الأجيال الشرقية الجديدة، وسراب المغرضين من صناع الحريات الوهمية يبني أثرًا مضيئًا ليتبعه كل ضال وليعبر به كل مهمّش في زخم ما سُمّي بالتحرر فيُنال منها ما يسهل حمله ونقله لمن بعده وهكذا دائرة متّصلة بلا توقف.
الآباء غافلون، غرباء عن بيوتهم وأبنائهم، بل قل تغيّرت مفاهيمهم وأساليبهم فضاعت أجيال بِرُمَّتها، تنقرض مفاهيم التربية فيظهر البَرَم في عناقيد كوكبة جيلٍ أسموه \” المتحررون من جلباب التخلف\”، سبحان الله! هل أصبحت التربية والتقويم والاحتشام اللفظي جلباب مهترئ؟
غابت رهبة مرور المعلم بين أروقة الفصول للإشراف، وغابت موجة ارتباك الطالب عند صعوده مع أستاذ جامعته المصعد الكهربائي. لا نقول إن اللوم كله يقع على عاتق الأجيال ولكن اختفاء المربّين أيضًا من المعلمين والمعلمات، غابت أسوار المدارس وصدى صوت الجرس اليدوي معلنًا بدأ الحصص، أصبحنا نهيم في فوضى الأخلاق والبذائة تقودنا ونقودها.

لقد طالت براثن البذائة وفجورالفتاوي شيوخًا وأئمة منابر، أصبحنا نرى لِحًى فقط، وكأن الدين أصبح مقتصرًا على لحية وجلبابًا قصيرًا وعمائم تمشى على وهن الأرض. غاب الدين وغابت التنشئة، غاب العقل وانتشر النقل حتى أصبحنا في فوضى حواس. فتُنسى أخلاقنا كأنها لم تكن خبرًا أوأثرًا. تُنسى كأنها لم تكن يومًا من موجوداتنا.
قال التوحيدي:
\”العالم من حيث هو كائن فاسد، ومن حيث هو فاسد كائن، فلذلك نظمه بدد وبدده نظم، ومتصله مفصول ومفصوله متصل، وغفله موسوم وموسومه غفل، ويقظته رقاد ورقاده يقظة، غناه فقر وفقره غنى، وحياته موت وموته حياة\”.
فأحيها أنت بخطى أخلاقك وخواطرَ وردةٍ في الثلج. كن جميلًا وأضئ جسرًا لبصراء العقل فكما قال درويش \”فالطريق هو الطريقة\”.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات