الأحد, أكتوبر 5, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةمقالاتقراءة تحليلية في خطاب شيخ الأزهر بمناسبة المولد النبوي الشريف

قراءة تحليلية في خطاب شيخ الأزهر بمناسبة المولد النبوي الشريف

alekhbary.com pNPXPEga

        د. على أحمد جاد بدر
       أستاذ العلوم السياسية

جاء خطاب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هذا العام ليعكس مكانة الأزهر التاريخية كمنبرٍ للاعتدال والوسطية، وليؤكد على الثوابت الكبرى التي لا تنفصل عن رسالة الإسلام في نشر الرحمة والسلام، وفي مواجهة الفكر المتطرف والقراءات المنحرفة للنصوص الدينية.

وأول ما يلفت النظر في الخطاب هو تركيزه على البعد الإنساني لرسالة النبي ﷺ، حيث أبرز أن مولده الشريف لم يكن حدثاً تاريخياً عادياً، بل نقطة تحول كبرى في مسيرة الانسانية كلها، وفالميلاد النبوي وفق ما أكده الخطاب جسّد معنى الرحمة التي عمت البشرية، وأعاد صياغة القيم الأخلاقية التي اهتزت في عصر الجاهلية، لتصبح بوصلة للمجتمعات إلى يومنا هذا.

كما تناول الخطاب قضية الفهم الصحيح للدين مشدداً على أن أزمة المسلمين اليوم لا تكمن في نقص الموارد أو غياب الإمكانات بقدر ما تكمن في اختلال العلاقة مع المنابع الأصلية للخطاب الديني، ومن هنا وجّه الإمام الأكبر رسالة واضحة للشباب والعلماء على السواء بضرورة العودة إلى المنهج الأزهري الوسطي القائم على الجمع بين العقل والنقل، ومراعاة مقاصد الشريعة بعيداً عن الجمود أو الغلو، ولم يغب البعد السياسي عن الخطاب إذ أكد شيخ الأزهر على أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات كبرى، سواء من خلال الحروب والصراعات أو من خلال محاولات تشويه صورة الإسلام في الإعلام العالمي، وقدّم الخطاب رؤية تقوم على أن التصدي لهذه التحديات لن يتحقق إلا بالوحدة والتماسك الداخلي، وإحياء روح الأخوة الإسلامية إلى جانب الحوار مع الآخر بالحكمة والموعظة الحسنة.

وأما على الصعيد الاجتماعي فقد شدّد الخطاب على ضرورة إحياء الأخلاق النبوية في الواقع المعاصر، ليس فقط كشعارات تُرفع بل كسلوك يومي يعكس جوهر الرسالة المحمدية فالصدق والأمانة والعدل والإحسان هي القيم التي يجب أن تُبنى عليها المجتمعات لتواجه الانقسامات والتحديات.

إذن يمكن القول بأنه يأتي خطاب شيخ الأزهر في المولد النبوي الشريف هذا العام بمثابة دعوة مزدوجة دعوة للمسلمين إلى مراجعة الذات وتحصين الفكر من الانحرافات، ودعوة للعالم أجمع إلى النظر للاسلام من خلال رسالته الأصلية كدين الرحمة والعدل، وبذلك حافظ الأزهر الشريف على مكانته كصوت عقلاني وروحي جامع يربط بين الأصالة والمعاصرة، ويؤكد أن الاحتفال بالمولد النبوي ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل محطة للتأمل والتجديد الروحي والفكري.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات