الأربعاء, ديسمبر 10, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةمنوعاتفوزى عبدالحافظ حارس السادات الأمين| أسطورة بطل عاش فى ظلٌّ ومات فى...

فوزى عبدالحافظ حارس السادات الأمين| أسطورة بطل عاش فى ظلٌّ ومات فى الضوء

خلف كل قمةٍ ظلٌّ لا يُرى… ظلٌّ يمشى مع صاحبه خطوة بخطوة، يحفظ سرّه، ويستر ضعفه، ويكون الحارس حين تخون الحراسة، والرفيق حين تخذل الرفقة.

ذلك هو فوزى عبدالحافظ.. ظلّ الرئيس الراحل أنور السادات.

فوزى عبدالحافظ
فوزى عبدالحافظ

اختاره القدر.. رجلاً بلا ضوضاء

لم يكن فوزى بطلًا من ورق الجرائد ولا فارسًا تصنعه الكاميرات.
كان ضابطًا شابًا من الصعيد، هادئ الملامح، شديدًا فى الحق، مستقيم الظهر كأنما خُلق ليحمل شيئًا أثقل من الرتبة والسلاح.
تخرّج من كلية الشرطة سنة 1945، ومضى فى خدمة الدولة مثل قطرة ماء تنزلق فى نهرٍ يعرف طريقه دون أن تصرخ.

حتى جاء اليوم الذى وقفت فيه الأقدار أمامه وقالت:
“اقترب… فهذا مكانك.”

رشّحه الشيخ حسنين مخلوف، مفتى الديار المصرية، ليكون ضمن رجال أنور السادات.
لم يكن يعلم أن الخطوة التى مشاها يومها ستصبح الطريق الذى يمشى فوقه عمرًا كاملًا…
ولا أن الرجل الذى سيحرسه سيصبح بالنسبة له وطنًا صغيرًا يضع فيه قلبه وولاءه وسنواته.

alekhbary.com 76mJD1kd

ثمانية وعشرون عامًا من الوفاء… لا يراها الناس ولا يعرفون ثمنها

منذ أن اقترب من السادات، صار فوزى جزءًا من الهواء الذى يتنفسه الرئيس.
لا يسبقه، ولا يتأخر عنه، يمشى بجواره كأنه يقرأ خيوط الضوء حوله ليرصد ما لا تراه الأعين.

كان يعرف كل الأبواب التى تُغلق، وكل الهمسات التى تُقال، وكل لحظة صدقٍ أو قلق أو ضعف.
ومع ذلك… لم يكن يتدخّل، لم يكن يستغل، لم يمد يده إلا ليحمى.
كان يعرف أن وظيفته ليست القرب، بل الحراسة… ليست السلطة، بل الأمانة.

أحبه السادات لأنه وجد فيه شيئًا نادرًا:
رجلاً لا يريد شيئًا.

حتى رقّاه فى عام 1980 إلى درجة وزير برئاسة الجمهورية.
لم تكن ترقية منصب… بل شهادة شرف واعتراف:
“هذا الرجل ليس مجرد موظف… هذا جزء من تاريخى.”

المنصة… اللحظة التى انكسر فيها الزمن

الزمان: السادس من أكتوبر 1981.
المكان: المنصة.
والحدث… حدثٌ لا يزال فى ذاكرة مصر كجرحٍ لا يلتئم.

لم يكن فوزى عبدالحافظ حارسًا فى تلك اللحظة…
كان جسدًا بلا خوف، وروحًا بلا تردّد.

حين دوّى الرصاص، لم يلتفت، لم يقف مذهولًا، لم يصرخ مثل البشر.
انقضّ على السادات كمن يريد أن يصُدّ الموت بذراعين.
فتح صدره للرصاص، وتلقّى الطلقات كأنما كل رصاصةٍ رسالة:
“لن تمرّ إلى الرئيس مادمتُ واقفًا.”

لكن الموت، حين يريد، لا يسمع توسّلات الشجعان.
سقط السادات…
وسقط فوزى جريحًا، وقد خرج من جسده دمٌ كثير، ومن روحه شيء أكبر… شيء لن يعود.

حياة بعد الموت… بلا ضوء، بلا صخب، بلا كلام

شفى جسده ببعض الندوب… لكنه لم يشفَ من الداخل.
عاد إلى البيت متوكئًا على عصا… ثم اعتزل العالم.
اعتذر من الحياة كلها، وتقاعد طواعية سنة 1982، كأنما يقول:
“لا مكان لى بعد الرجل الذى كنت ظله.”

رفض الإعلام.
رفض المناصب.
رفض كل من حاول أن يُغريه بكتابة مذكراته.
كان يقول كلمته التى صارت ميثاقًا:
“هذا سر… وهذه أمانة. ولن أخون الرجل الذى عشت فى بيته وبيجواره أكثر من ٢٨ سنة.”

عاش صامتًا… كما يعيش الشهداء الذين لم يموتوا.
إلى أن أغلق عينيه فى 26 سبتمبر 2008، عن عمر 84 عامًا…
ورحل كما عاش: فى هدوء، وبلا ضوء، وبلا مطالب.

رجلٌ عاش فى الظل… لكنه كان نورًا

إن أردت أن تعرف معنى الولاء، فانظر إلى فوزى عبدالحافظ.
وإن أردت أن تعرف معنى الرجولة الصامتة، فاقرأ سيرته.
وإن أردت أن تفهم لماذا قال أنيس منصور:
“فوزى مات مع السادات فى نفس اللحظة”
فتخيّل رجلًا ظلّ قلبه واقفًا منذ يوم المنصة، وإن كان الجسد يتحرّك.

alekhbary.com TnUnQ1n2

رحم الله فوزى عبدالحافظ،
ورحم الله الرئيس البطل أنور السادات.
فبعض الرجال لا يغادرون الدنيا… بل يغادرون الضوء فقط، ليظلوا فى قلوبنا كنجومٍ لا تُرى، لكنها تهدى الطريق.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات