
ترجمة: د. يسرا محمد مسعود
  ماجستير العلاقات الدولية 
يُطلّ علينا كل عام في شهر نوفمبر حدث صحي متميز في فرنسا تحت عنوان “شهر بلا تبغ“، وهي مبادرة وطنية تهدف إلى مساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين من خلال دعم جماعي منظم. فلماذا لا نحذو حذوها في مصر؟
فبفضل هذا الحافز الجماعي، تتاح للمدخنين فرصة حقيقية للإقلاع عن هذه العادة، ضمن برنامج وطني لمكافحة التبغ أثبت فاعليته على مدار سنواته الماضية. ومع حلول نسخته العاشرة في عام 2025، تتجدد الدعوة للمشاركة في هذه الحملة التي تمتد على مدى ثلاثين يومًا، حيث لا يخوض المشاركون التحدي بمفردهم، بل ضمن مجتمع داعم يشترك في القوة والإصرار على التغيير.
مجتمع من أجل الإقلاع عن التدخين
بدأت فكرة هذه الحملة في إنجلترا، حيث أُطلقت أول مبادرة تحت عنوان “توقف عن التدخين“ في أكتوبر عام 2012، وشجعت المشاركين على التعاون لتحقيق النجاح الجماعي في الإقلاع عن التدخين.
ثم تبنت فرنسا الفكرة في نوفمبر 2016 بإطلاق حملة “شهر بلا تبغ “ تحت إشراف وزارة الصحة والتأمين الصحي والصحة العامة.
وفي عام 2024، سجّلت الحملة نحو 134  ألف مشارك. واختير شعارها الداعم:
“انضم إلى حملة شهر بلا تبغ لتزيد فرصك في أن تصبح مدخنًا سابقًا.”
آليات الدعم خلال الحملة
يستفيد المشاركون طوال الشهر من شبكة واسعة من وسائل الدعم تشمل رسائل تشجيعية ونصائح عملية تبث عبر التلفزيون والراديو والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات العامة.
كما تُعرض شهادات واقعية لأشخاص نجحوا في الإقلاع بفضل الحملة، في محاولة لتأكيد أن التوقف عن التدخين ممكن وسهل للجميع، بحسب ما توضح أوليفيه سمادجا، عالمة التبغ بالصحة العامة في فرنسا والمنسقة العامة للمبادرة.
وتتوافر أمام المشاركين عدة أدوات مساعدة منها:
- الحصول على مرافقة مجانية من أخصائي التبغ عبر الاتصال بالرقم 39 89.
 - تحميل تطبيق Tabac Info Service لتتبع التقدم والحصول على المشورة من خبراء مختصين.
 - المشاركة في فعاليات محلية تُنظَّم بالقرب من محل الإقامة لتبادل الخبرات والدعم.
 
نتائج مشجعة ومؤشرات نجاح
أثبتت المبادرة فعاليتها منذ انطلاقها. فبحسب دراسة صادرة عن الصحة العامة في فرنسا في أكتوبر 2021، فقد أتاحت الحملة لما يقرب من 1.8  مليون فرنسي محاولة الإقلاع عن التدخين بين عامي 2016 و2019.
وتؤكد الجهة ذاتها أن الإقلاع لمدة ثلاثين يومًا يزيد فرص النجاح على المدى الطويل بمقدار خمس مرات.
وتوضح الدكتورة آن ماري ريبار، أخصائية أمراض الرئة ومنسقة مجموعة مكافحة التبغ بجمعية علم الرئة، أن “80% من المدخنين يرغبون في الإقلاع، لكن كثيرين منهم يفتقرون إلى الثقة في قدرتهم على ذلك. وحملة (شهر بلا تبغ) تمنحهم الدافع والإيمان بأنهم قادرون على البدء”.
وحتى إن عاد بعض المشاركين إلى التدخين بعد انتهاء الشهر، فهم على الأقل خاضوا تجربة ناجحة مبدئية تمنحهم يقينًا بإمكانية التوقف الكامل مستقبلًا.
خطوات عملية للاستعداد
تُعد حملة “شهر بلا تبغ“ جزءًا من استراتيجية وطنية شاملة للحد من التدخين في فرنسا. وقد ساهمت سياسات مثل توحيد شكل علبة السجائر، ورفع سعرها إلى أكثر من 12 يورو، وتوفير تعويضات مالية لبدائل النيكوتين، في دفع الكثيرين نحو التوقف. ورغم ذلك، لا يزال عدد المدخنين اليوميين في فرنسا يقارب 12 مليون شخص حتى عام 2022.
ولضمان نجاح الحملة، تنصح سمادجا ببدء الاستعداد عبر تقييم مستوى الاعتماد على التبغ من خلال اختبارات متاحة على موقع Tabac Info Service، ثم وضع خطة شخصية للإقلاع تتناسب مع درجة الإدمان والدوافع والبيئة المحيطة.
يمكن اختيار الطريقة الأنسب سواء الإقلاع المفاجئ أو الحصول على دعم طبي، عبر بدائل النيكوتين أو السجائر الإلكترونية أو الأدوية، على أن يُستشار مختص قبل البدء.
وتضيف سمادجا نصيحة مهمة:
“أخبر المقربين منك بموعد إقلاعك عن التدخين حتى تحصل على دعمهم وتتفادى من يعرض عليك سيجارة بالمصادفة.”
وأخيرًا، من الضروري التخلص من جميع عبوات التبغ ومنافض السجائر والولاعات وكل ما يتعلق بالتدخين، في خطوة رمزية تمثل بداية حياة جديدة خالية من التبغ.
المصدر:



                                    