الإثنين, أكتوبر 27, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةفنونشمس البارودي تحيا مع الذكريات| عبد الحليم وحسن يوسف حكاية لا تُنسى

شمس البارودي تحيا مع الذكريات| عبد الحليم وحسن يوسف حكاية لا تُنسى

في ظلال الذكريات كانت شمس البارودي تجلس في ركنها الهادئ، يجاورها صمت المساء وعبق الصور المصفوفة على الرفوف، تلك التي تحفظ ملامح العمر بين ابتسامات وأسرار. كانت نظراتها تسبح في الماضي، كأنها تفتّش عن ظلٍّ حنونٍ غاب ولم يغب، عن وجهٍ طالما أنار حياتها بالفن والحبّ والسكينة.

حسن يوسف وشمس البارودي حب العمر كله
حسن يوسف وشمس البارودي حب العمر كله

همست كمن تخاطب غائبًا يسمعها من وراء الغيم:

“يا حسن… كم أحببتَ الحياة في تفاصيلها البسيطة، وكم ظللتَ طفلًا يحلم ولو غزا الشيب رأسك.”

ثم عادت بصوتٍ تغلّفه الرهافة، تحكي عن أيامٍ ظلّت خالدة في ذاكرة الفن، حين كان حسن يوسف يخطو أولى خطواته نحو المجد، في زمنٍ كانت فيه السينما تحلم وتُحبّ وتُربي النجوم كما تربي الأم أبناءها.

في تلك الأيام، كان المخرج الكبير حسن الإمام منهمكًا في اختيار من يؤدي دور شقيق عبد الحليم حافظ في فيلم الخطايا. كانت الوجوه كثيرة، لكن شيئًا ما في روحه لم يطمئن، حتى لمح في الأفق وجهًا شابًا يفيض حيويةً وصدقًا: حسن يوسف.
وهناك بدأت الحكاية التي ستُروى بعد عقودٍ بلسان الحنين.

أُعجب العندليب بالترشيح رغم أنه لم يعرف صاحبه. غير أن موهبته الفطرية في فهم البشر جعلته يدرك أن الأخوّة على الشاشة لا تُصنع أمام الكاميرا، بل تُزرع أولًا في القلب.
فأمسك الهاتف واتصل بذلك الوجه الجديد قائلًا بصوتٍ رخيمٍ يحمل رنّة ودٍّ صادق:

“يا حسن، لا يصحّ أن نكون إخوة أمام الناس ونحن لا نعرف بعضنا… تعالَ إليّ، لنجلس ونتحدث، لعلّ المودّة تسبق المشهد.”

كان الشاب يبتسم بين الدهشة والفرح، ولم يكد يسمع الدعوة حتى حمل قلبه وذهب.
فتح عبد الحليم الباب بنفسه، وكأن القدر أراد لتلك اللحظة أن تُنقش في الذاكرة. تبادلا الحديث طويلاً حتى شعر كلاهما أن بينهما خيطًا من الألفة نسجه الفن والحسّ المشترك.

وقبل أن يغادره حسن يوسف، قال له العندليب بابتسامة مملوءة بالعذوبة:

“لن تذهب إلى بيتك… ستعيش معي الشهر كله حتى يبدأ التصوير. نحن متشابهان في القَدّ والروح، وسأجعلك ترتدي من ملابسي لتكون أخي حقًّا.”

ومنذ تلك الليلة، عاش حسن يوسف في بيت العندليب كأنما دخل عالماً من الضوء والموسيقى.
كان عبد الحليم يعزف في المساء على عوده، فيجلس حسن صامتًا مأخوذًا، يراه لا كمطربٍ شهير، بل كإنسانٍ يسكب أحزانه في نغمٍ صادق.
تبادلا الحكايات، والضحكات، وأحيانًا الصمت الطويل الذي لا يحتاج إلى كلمات.

وحين حان موعد التصوير، لم يكن المخرج بحاجة إلى توجيه كثير، فقد كان الانسجام بينهما يفيض تلقائيًّا أمام الكاميرا؛ أخوّة حقيقية خُلقت في بيتٍ من ودٍّ وصدقٍ وفن.
وعُرض فيلم الخطايا، فكان نجاحه صاخبًا كأغنيةٍ ولدت من قلبٍ صافٍ.

وبعد سنين، حين كان حسن يوسف يستعيد تلك الأيام في جلسات هادئة مع شمس، كان وجهه يضيء بابتسامة طفلٍ عاد من زمنٍ جميل. يقول لها دائمًا:

“يا شمس، لم يكن نجاحي في الفيلم وحده… النجاح الحقيقي أنني عشتُ مع إنسانٍ اسمه عبد الحليم حافظ، وتعلمتُ منه أن الفنّ ليس تمثيلًا، بل حياة.”

كانت شمس تصغي، وفي عينيها دمعة لا تسقط، تسبح في صمتها الطويل، ثم تهمس كمن يُنشد صلاة للغائبين:

“رحلتما وبقيت الحكاية… وها أنا أعيش في دائرتها، أتنفس عبيرها، كأن الزمن لم يمضِ بعد.”

alekhbary.com 0PbQpJDS alekhbary.com SzS98OW3 alekhbary.com RcvEa56q alekhbary.com MyyCHXEh alekhbary.com kZRwMkgk alekhbary.com o8ucRpPA alekhbary.com E6RcgtFo alekhbary.com 8zGY61YD

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات