الأربعاء, أغسطس 27, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةمقالاتد. نجلاء سعد البحيري تكتب: حقوق المواطن المصري

د. نجلاء سعد البحيري تكتب: حقوق المواطن المصري

alekhbary.com IduxFadd

 

منذ بداية عام 2024، ومع إعلان الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تطبيق منظومة جديدة لفرض رسوم جمركية وضريبية على الهواتف المحمولة المستوردة، شهدت السوق المصرية حالة واسعة من الارتباك. ورغم أن الهدف المعلن هو مكافحة التهريب وحماية موارد الدولة، إلا أن طريقة التطبيق أفرزت مظالم عديدة طالت المواطن البسيط وأصحاب المحلات على حد سواء.

أولاً: عدم رجعية القوانين:

الدستور المصري في مادته (225) ينص بوضوح على أن القوانين لا تسري بأثر رجعي إلا بنص خاص وبموافقة أغلبية مجلس النواب. كما أن القوانين الضريبية (قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005) تؤكد أن أي ضريبة أو رسم لا يجوز فرضه إلا من تاريخ العمل به، وليس على ما سبق.

لكن الواقع العملي شهد تطبيق القرار بأثر رجعي على أجهزة تم تشغيلها بالفعل قبل 1 يناير 2025 ، وهو ما يخالف الدستور والقانون، ويهدر مبدأ الاستقرار التشريعي.

ثانياً: الإعفاءات الجمركية للمسافرين:

القوانين المصرية منحت للمسافرين العائدين حق إدخال جهاز محمول شخصي كل ثلاث سنوات دون رسوم، بشرط تسجيله في المطار. هذا الحق مقرر بموجب قانون الجمارك ولا يجوز سحبه بعد منحه.

ومع ذلك، فوجئ عدد من المواطنين بفرض رسوم لاحقة على أجهزة سبق أن حصلت على إعفاء رسمي، ما يُعد إهدارًا لحقوق مكتسبة ومساسًا بسيادة القانون.

ثالثاً: عدم استقرار الرسوم وإرباك السوق:

في أقل من شهرين، تغيرت نسبة الضريبة الجمركية من 38.5% إلى نحو 45%، ما أحدث ارتباكًا لدى المواطنين والتجار. بينما يشترط مبدأ اليقين الضريبي أن تكون النسبة ثابتة وواضحة، حتى يتمكن الجميع من التخطيط والتعامل بثقة مع السوق.

هذا التذبذب أدى إلى:

– توقف حركة البيع والشراء.

– نشوب نزاعات بين العملاء وأصحاب المحلات.

– فقدان الثقة في القرارات الاقتصادية.

مقارنة دولية:

في تجارب عربية أخرى، كان التطبيق أكثر توازنًا:

الإمارات منحت فترة انتقالية تتجاوز 6 أشهر قبل تطبيق التسجيل الإلزامي، دون أي رسوم على الأجهزة القديمة.

السعودية ثبّتت إعفاء الأجهزة الشخصية للمسافرين ولم تُلغِه لاحقًا، حفاظًا على الثقة.

المغرب والأردن لم يطبقوا أي قرار بأثر رجعي، بل اقتصرت الرسوم على الأجهزة الجديدة فقط.

هذه التجارب تثبت أن حماية السوق ومكافحة التهريب لا تتعارض مع احترام حقوق المواطن، إذا كان التطبيق مدروسًا وعادلاً.

ما يطالب به المواطن المصري اليوم:

وقف التطبيق بأثر رجعي على الأجهزة التي فُعّلت قبل 1 يناير 2025.

تثبيت حق الإعفاء الجمركي للمسافرين وعدم سحب الحقوق الممنوحة قانونًا.

استقرار النسبة الضريبية وعدم تعديلها بشكل مفاجئ.

إتاحة فترة انتقالية معقولة لتوفيق الأوضاع، حمايةً للتاجر والمستهلك معًا.

تفعيل آلية تظلم واضحة وسريعة تُمكّن المواطن من الدفاع عن حقه.

كلمة أخيرة:

لا يعارض المواطن المصري تنظيم السوق أو مكافحة التهريب، لكنه يرفض أن يكون ضحية قرارات متسرعة أو غير مدروسة. إن حماية حقوق الدولة واجبة، لكن حماية حقوق المواطن أوجب.

إن مراجعة تطبيق ضريبة الموبايلات بما يتوافق مع الدستور والقوانين الضريبية هو خطوة ضرورية لإعادة الثقة بين المواطن والدولة، ولإثبات أن مصر قادرة على الجمع بين التنظيم الاقتصادي و العدالة الاجتماعية.


مدرس بجامعة قناة السويس ، متخصص في الشأن الإقليمي

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات