
د. أشرف رضوان
انطلقت منذ أيام حملة تحت عنوان “هيئة تنظيم السوق العقارى”، وفى الواقع كتبنا كثيرا فى موضوع النصب العقارى ولا حياة لمن ننادي ولا أحد من المسئولين يتحرك. ولكن الغريب هو انتشار هذه الحملة لدرجة أنها أصبحت التريند الشائع حاليا فى السوشيال ميديا. ولا ندري هل الأمر وليد الصدفة أن يتكرر انتشار الفيديوهات المختلفة المنددة بما تفعله شركات النصب العقارى مع المواطنين أم أن وراء الحدث شخصيات كبيرة أصبحت على خلاف مع مستثمرى النصب العقارى فأطلقت هذه الحملة ضدهم!.
كنا نعتقد أن موضوع النصب العقارى ينحصر فى بضعة شركات ولكن بعد انتشار هذه الفيديوهات تأكدنا أن الغالبية العظمى من الشركات ما هى إلا شركات نصب عقارى وتتفاوت سنوات النصب من شركة إلى أخرى. وبعض الشركات وصلت بهم الجرأة أن يطلبوا المزيد من الأموال كشرط لاستكمال البناء وإلا فلن يكملوا البناء وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء . فهم يعلمون جيدا أن سير القضية فى القضاء سوف يستغرق سنوات يستطيعوا من خلالها استثمار أموال الملاك المتضررين فى مشروعات أخرى إلى أن يحكم القضاء لصالح المتضرين بعد سنوات حكم نهائى ثم يصطدم الملاك الحاصلين على حكم محكمة بالاستلام بعدم القدرة على التنفيذ بعد كل هذه السنوات من العناء!
السؤال: من أين أتت كل هذه الشركات بالجبروت والتحدى والثقة ومن وراءهم ويساعدهم على ظلم المواطنين؟!، أهو شخص أم مجموعة أشخاص أقوى من الحكومة؟ أم أن الحكومة على علم بكل ما يحدث ولا تستطيع التحرك . الغريب أن الحكومة أثبتت فى الآونة الأخيرة مدى قوتها فى التأثير على مجلس النواب الذى من المفترض أن يكون له القرار الأول والأخير فى الموافقة على اقتراحات الحكومة ولكن ما حدث من تناقض فى الرأى بين ليلة وضحاها فى مشروع تعديل الإيجار القديم يثبت مما لا يدع مجالا للشك أن الحكومة هى المسيطرة وهى صاحبة القرار . فلماذا لم تستخدم قوتها كما رأينا مع مستثمرى النصب العقارى وردعهم لإرجاع الحقوق إلى المتضررين الذين أصبحوا يمثلون شريحة عريضة من المجتمع .
لماذا الصمت الحكومى لسنوات وسنوات دون التدخل لإنقاذ الملاك المتضررين الذين وضعوا كل ما يملكون للحصول على وحداتهم المزعومة؟! فمنذ ثلاث سنوات أعلنت الحكومة أنها سوف تتدخل كطرف ثالث بين المالك والمستثمر لحل النزاع ولكنها لم تفعل! والجواب معروف إذ أن هذه الشركات تدفع للحكومة غرامات التأخير عن كل عام يمر دون تسليم، فالدولة مستفيدة من هذه الأموال بطبيعة الحال! أما إذا تسلم الملاك المتضررين وحداتهم فسينقطع هذا المصدر الذى يدر عائد على الدولة والحكومة ولن تستفيد الحكومة من المواطن المتضرر فى شىء . كل هذه الأمور كانت كافية لفقدان ثقة المواطن بالحكومة. فمنذ أن جاءت هذه الحكومة وجميع قراراتها ضد المواطن بداية من تعويم الحنيه لغلاء أسعار وغيرها من القرارات المجحفة والتى انتهت بقانون الإيجارات الجديدة الذى أصبح يهدد الملايين من الشعب بالطرد من منازلهم بعد سبع سنوات، فالكل يتساءل ماذا يتبقى للحكومة لم يتضرر المواطن به؟!. فهى فعلت كل ما يحلو لها من تكدير للسلم المجتمعى لدرجة أن البعض يردد أن معظم الشعب المصرى أصبح الآن مرتبط بالآية الكريمة التى تقول (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).
فجميع القرارات التى تتخذ أصبحت مصائب على الشعب المطحون . وكل هذا بسبب قرارات غير مدروسة وتعنت فى استخدام السلطة مع غياب تام للأجهزة الرقابية التى تراقب أداء الحكومة . فهل بعد الحملة القوية ضد مستثمرى النصب العقارى تفعلها الحكومة وتقف فى صف المواطن المتضرر ولو لمرة واحدة قبل الرحيل؟!.



