
د. أشرف رضوان
“ضمير” .. كلمة من أربعة حروف لا يعلم قيمتها الكثير، ولكن إذا عملنا بها لأصبحنا فى عالم آخر لا ينافسه أحد. لكن للأسف أن هذه الكلمة التى تمثل الارتباطات العقلانية بالاستناد إلى الفلسفة الأخلاقية للفرد قد ابتعدنا عنها بكل المقاييس. نأخذ مثلاً بوجود أستاذ جامعى يحارب من أجل تعيين ابنه أو ابنته فى الكلية التى يُدرس بها ليكون وارثًا عنه المنصب الجامعى. وموظف يتطلع إلى ترقية ومنصب ليس من أجل الإضافة والابتكار وإنما من أجل السعى إلى الكرسى.
“الضمير” كلمة غائبة عن الكثير من مرشحى مجلس النواب الذين يسعون من أجل الفوز بمقعد المجلس ليس من أجل مصلحة المواطن وإنما من أجل المصالح الشخصية! كلمة ابتعد عنها مسئولى الحكومة عندما تركوا المواطن لمصيره وانشغلوا بتطبيق موجة الغلاء الغير مبررة ليدفع فاتورتها المواطن البسيط الفقير إلى الله، وعدم الرقابة على الأسواق التى هى عملية مراقبة وتنظيم لضمان استقرار الأسعار، وحماية المستهلكين من الممارسات الضارة من قِبل التجار محتكرى سوق السلع وارتفاع أسعارها والمواطن يدفع الثمن دون تدخل الجهات الحكومية المختصة.
“الضمير” كلمة ابتعد عنها مستثمرى النصب العقارى عندما أعلنوا عن مشروعاتهم الوهمية لجذب ضحاياهم من الملاك ولم يقوموا بتسليمهم وحداتهم السكنية وغير السكنية لأكثر من عشر سنوات بعلم الحكومة ومباركتها دون تدخل!. كلمة ابتعد عنها بعض الجزارين الذين يبيعون لحوم الكلاب والحمير على أنها لحوم بلدى. كلمة ابتعد عنها الموظف الذى يعمل فى مصلحة أو مؤسسة أو هيئة حكومية ولم يؤدى عمله كما ينبغى.
وهناك نموذج للإهمال فى مديرية الشئون الصحية عندما أرادوا تطبيق نظام التعامل من خلال الشبابيك والأجهزة الإلكترونية، ومنع التعامل من خلال الغرفة التى يعمل بها الموظف ولكن جاء هذا التطبيق بنتيجة عكسية إذ أن المواطن يقف فى طابور الانتظار على أمل الانتهاء من مهمته وأن يرى الموظف الذى يتلذذ من رؤية المواطن وهو يتألم من عذاب الوقوف منتظرا اهتمامه ولا يأبه بظروف الشخص المُسن أو المرأة المريضة..الخ.
وحتى فى الفن نلاحظ أنه أصبح بالوراثة فى كثير من الأحيان فنجد أحد الفنانين يتزوج بفنانة وينجبوا فنان أو فنانة لكى يُفرض على الجمهور أو مخرجا يتزوج من فنانة مغمورة عديمة الموهبة الفنية ليساندها على الوصول للشهرة المزيفة. فمنذ سنوات استمعنا إلى حكمة قالها العالم الراحل د. أحمد زويل عن رأيه فى الفرق بين الغرب والشرق فقال فى أمريكا يظل المجتمع واقفا ومساندا بجوار الفاشل حتى ينجح أما فى المجتمع الشرقى فتتحالف الشياطين لكى يفشلوا الناجح ومن هنا يسقط المجتمع .
كلمة “ضمير” عندما يبتعد عنها المدرس فى المدرسة لكى يجبر الطالب على الدروس الخصوصية فالنتيجة حتما معروفة. ويبتعد عنها الطبيب لكى يفرض على المريض عمل بعض العمليات التى من الممكن الاستغناء عنها بالأدوية. وهكذا إذا أردت الحياة وسط مجتمع فاسد فتخلى عن ضميرك. عندما نشاهد بعض الإعلاميين الذين يسيرون على مبدأ عاش الملك مات الملك وتسجيلاتهم مدونة بالصوت والصورة فهم يمجدون فى أى نظام موجود دون استحياء فأين ضميرهم؟!
إن البعد عن الضمير هو من عمل الشيطان الذى يصور للإنسان أن البعد عن ضميره هو الصواب ويحاول إقناعه بذلك فينساق إليه إلى أن يصطدم بالعديد من المصائب التى لم تكن فى حسبانه ويندم على ما فعل! ونحن على أعتاب مجلس نواب جديد فنرجو من المواطنين ألا ينساقوا وراء الرشاوي الإنتخابية سواء بالمال أو غيره . لذلك إذا رجعنا إلى تعاليم الدين فلن نضل أبدا إعمالا بقول رسول الله (ص) (تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسُنتى) .



