
د. أشرف رضوان
لاحظنا فى الآونة الأخيرة تزاحم مرشحي مجلس النواب والشيوخ لدرجة وصلت إلى التراشق بالألفاظ وأحيانا التشابك بالأيدى ودفع مبالغ قد تصل للملايين من أجل الحصول على عضوية أحد المجلسين. وبالرجوع إلى قرارات مجلس النواب السابقة فلم نجد قوانين تم إصدارها لصالح الشعب بل على العكس أصدرت قوانين من بينها قانون تعديل الإيجارات القديمة الذى يشوبه العوار الدستورى.
فليس من المنطقى أن يتزاحم بعض المرشحين فى سباق قد يصل للتشابك بالأيدى ويدفعون مبالغ طائلة من أجل الحصول على عضوية المجلس لكى يفرض رأيه على مشروعات القوانين التى تتقدم بها الحكومة لتكدير الشعب ويعترض عليها مثلما فعلت فى قانون تعديل الإيحارات القديمة. وقد لاحظنا التغير الجذرى الذى حدث بين يوم وليلة فى جلسة التصويت على إقرار القانون ١٦٤ لسنة ٢٠٢٥ وهو تعديل قانون الإيجارات القديمة الذى يهدد بتشريد ملايين المواطنين من الشعب المصرى خارج منازلهم. لذلك لم يستمر مسمى مجلس الشعب على نفس الاسم لأنه أصبح لا يمثل الشعب وأصبح اسمه مجلس النواب لخدمة مصالح بعض النواب والذى ثبت أن بعضهم لديه أملاك ويرغب فى طرد المستأجرين من أجل بناء برج سكنى وتجارى يدر عليه عائد كبير.
ومن ناحية أخرى هناك مزايا تمنحها الدولة لأعضاء مجلس النواب ومنها الحصانة البرلمانية التى تعطى لعضو مجلس النواب صلاحيات كثيرة بالإضافة إلى بعض المزايا المالية. أما إذا تم سحب الحصانة من عضو مجلس النواب فالنتيجة حتما سوف تكون كارثية بالنسبة للحكومة لأن المتقدمين فى المجلس هم الأشخاص الذين لا يسعون وراء حصانة أو مصالح شخصية وإنما دخولهم المجلس هو تحقيق لحلم البسطاء من الشعب الذى تكدره الحكومة ليل ونهار بزيادة الأسعار دون رحمة ولم يعترض عليها أحد من المجلس والنتيجة وجود حكومة لا تشعر بمعاناة الشعب ومجلس نواب يسعى وراء المصالح الشخصية.
للأسف هذا هو الواقع الذى نعيشه فالحصانة التى يحصل عليها عضو مجلس النواب هى ثمن ما تفعله الحكومة بالشعب إلا القليل منهم الذين يملكون الحس الوطنى ويشعرون بآلام الشعب والحياة الصعبة التى يعيشها. لذلك نأمل فى وجود مجلس نواب قوى يستطيع أن يعترض على الحكومة فى أى قرار كما يحدث فى الدول المتقدمة التى لديها مؤسسات حقيقية لها دور فعال فى معارضة الحكومة وليست تابعة للحكومة تصوت على ما تراه مكدرا ومعكرا لصفو المجتمع المصرى.
إن ما يحدث من الحكومة يعكس صورة يستغلها أعداء الوطن لتصديرها للخارج للتأكيد على عدم وجود ديمقراطية كما حدث فى قانون تعديل الإيجارات القديمة رغم رفض كل أطياف المجتمع له إلا أن الحكومة أصرت على تمريره رغم أنف الجميع لدرجة أن مجلس النواب وافق عليه بين ليلة وضحاها بعد أن كان يصفق لإلغاؤه قبلها بساعات. إننا نطالب بإلغاء الحصانة البرلمانية خارج المجلس لكى نؤكد حسن النوايا من الدولة وتأكيدا على دفع دماء جديدة حريصة على بناء المجتمع من خلال هذا المجلس وليس هدمه وتفريقه.