الإثنين, أبريل 21, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةمقالاتد. آية هنداوي تكتب: فن هابط .. وفنانون بين الشهرة والضمير الغائب

د. آية هنداوي تكتب: فن هابط .. وفنانون بين الشهرة والضمير الغائب

 

الفن في جوهره رسالة سامية تهدف إلى تهذيب الذوق وتحريك المشاعر وإلهام المجتمعات نحو الأفضل ، هو مرآة تعكس الواقع وتُعبّر عن أحلام الشعوب وتحدياتها لكن ما إن يتحول إلى وسيلة للربح فقط ويتحول بعض الفنانين إلى أدوات للنفوذ والسلطة حتى نجد أنفسنا أمام معضلة أخلاقية تُشوّه هذا الكيان النبيل، لقد بات الحديث عن فساد الفن والفنانين حديثًا ضروريا لا بد من طرحه بشجاعة.

فن نظيف .. فن مُشوَّه

لا ننكر وجود فنانين حقيقيين يعملون بضمير ويحرصون على تقديم أعمال ترتقي بالمجتمع وتدافع عن قضاياه، هؤلاء يستحقون كل تقدير ولكن في المقابل هناك من حولوا الفن إلى سلعة رخيصة تباع وتشترى في أسواق الشهرة والمال.

نجد اليوم إنتاجا فنيا ضخما من المسلسلات والأفلام التي تخلو من القيمة وتمتلئ بالمشاهد المثيرة واللغة السوقية دون أي محتوى حقيقي ، بل إن بعضها يروج للعنف والسطحية والانحراف بحجة الواقعية أو حرية التعبير، ولكن الحقيقة هي أن هذا نوع من الفساد يتم فيه ابتذال الفن لخدمة المصالح الشخصية أو السياسية.

فساد الفنانين .. بين الغرور والاستغلال

في زمن السوشيال ميديا لم يعد النجاح الفني مرتبطا بالموهبة بل بعدد المتابعين والإعجابات وأصبح بعض الفنانين أكثر اهتماما بالظهور والاستعراض على حساب العمل الجاد. والأسوأ من ذلك أن بعضهم يتورط في قضايا أخلاقية أو مالية أو يتعاملون بتعال مع جمهورهم وكأنهم فوق النقد والمحاسبة.

وهناك فنانين دخلوا الوسط الفني من بوابات لا علاقة لها بالإبداع بل بالمحسوبية أو العلاقات المشبوهة وهناك من يجنون الملايين بينما يعاني المبدعون الحقيقيون في الظل.

وهنا أشير لنقطة مهمة جدا وهي أن الفن والإعلام شركاء في الفساد،
حيث تقوم وسائل الإعلام بدور كبير في تكريسه، إذ تفتح أبوابها لمن يدفع أكثر أو لمن يثير الجدل وتُقصي الفنان الجاد الذي يرفض السير في هذا الاتجاه وتتكرر استضافة الوجوه نفسها، ويُضخم حضورهم إعلاميا حتى لو كانت أعمالهم سطحية أو مبتذلة.

بل إن بعض البرامج تتعمد تسويق التفاهة وتسليط الضوء على حياة الفنانين الشخصية في حين تغفل عن تسليط الضوء على إنجازاتهم (إن وجدت) أو على الفن الجاد.

وهنا أطرح سؤالاً مهمًا .. هل يتحمل الجمهور مسؤلية المشاهدة؟

من الظلم تحميل الجمهور كامل المسؤولية لكن لا يمكن إنكار دوره، فالجمهور أحيانًا يساهم –دون وعي– في تمكين هذا الفساد من الانتشار حين يُشجع المحتوى الرديء ويُروج للفضائح ويُصفق للسطحية، لكنه في المقابل يمتلك قوة تمكنه من تصحيح هذا المسار من خلال دعم الفن الراقي ومقاطعة الردئ منه.

فلا بد من محاربة الفساد الفنى وتشجيع الفن الحقيقي عبر دعم المؤسسات الثقافية المستقلة وتفعيل دور الرقابة الواعية التي لا تخنق الإبداع بل تحمي الذوق العام ومراجعة مناهج التعليم الفني لتخريج فنانين موهوبين واعين بالإضافة إلى إعادة الاعتبار للنقد الفني الحقيقي بعيدًا عن المجاملات والمصالح.

ختاماً:

إن الفن الذي يُعد طوق نجاة للمجتمع لا ينبغي أن يتحول إلى وسيلة لإغراقه في التفاهة وعلينا أن نعيد النظر في منظومة القيم التي تحكم الوسط الفني الذي يُصنف كـ”قدوة”.

_____________________________________

  • مدرس بكلية الآداب – جامعة المنصورة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات