هو إعلانُ هُدنةٍ يحملُ توقيعَ الشّتاءِ وتوقيعي. يقولُ الأقربون ساخرين: \”هذا اتّفاقٌ أبديٌّ لا هُدنة\”. أرفضُ ما يقولونه. لا يَعنيني عنوانُ تلك الورقة. لا يفقهون أحوالي كما أفعل. تُرّهاتي مع ذاك الفصل المزاجيّ البارد لا تنتهي. المهمّ الآن، لمن يسألُ عن نصِّ الهُدنةِ كي يقتديَ به، هذا ما وردَ فيه:
– لن يُزعِجَني بكثيرِ مطرِه، ولن أُزعِجَه بكثيرِ تأفُّفي.
– سيُخبِرُني بحلولِه قبل أيّام، وسأُخبِرُه باستعدادي النّفسيّ لاستقباله. أحلى ما في هذا البند أنّه مُتفلِّتٌ من الأجَل.
– سيحاولُ من دون وعدٍ أو عهدٍ إخراسَ ثلجِه، وسأحاولُ من دون وعدٍ أو عهدٍ تقبُّلَه مرّتَين لا أكثر.
– سيمنحُ الشّمسَ إذنَ الخروجٍ هُنَيهاتٍ لتتطفَّلَ على غيومِه، وسأمنحُ مطرَه إذنَ التّسلُّلِ هُنيهاتٍ من عُمقِ روحِه إلى عَتَبِ روحي بلا عَتَب.
– سيَحرسُني بزخّاتِه كما لو كان شمسًا، وسأسيرُ تحت غَيثِه مُختبِرًا ما يُروى عن متعةِ التبلُّل.
– سيُعطيني غيضًا من جمالٍ يدّعيه، وسأُعطيه بعضًا من صُوَري الكتابيّةِ عن تلك \”الرومانسيّة\” الّتي يلمحُها كثيرون فيه ولا أفعل. لم أَعِده بأن يكونَ مِدادي صادقًا في ذاك الاستحضارِ البلاغيّ.
– سيُعيرُني معطفًا يُخبّئُه لمن يبغضُه مثلي، وسأعيرُه خيوطًا من شمسٍ أخبّئُها لأيّامي الرّماديّة.
قرأ كلانا نصَّ الهُدنة. وقّعَ كلانا. خرجتُ بشيءٍ من خيبةٍ. خدَعَني أهلي يومَ أقنعوني بأنّ الإنسانَ أقوى الكائنات. ستتلاشى هذه النّظريّةُ قريبًا. يبدو أنّها ما كانت سوى قصّةٍ أخرى استخدَمَتها والدتي لأسكنَ وأغفوَ. ارتجَفَت يدي قبل أن توقّعَ. خارَت أصابعي. خرجتُ بخسارةٍ موسميّةٍ. أُقنِعُ نفسي لتسكنَ بأمرَيْن: أوّلهما أنّني سأظفرُ بشمسي بعد أشهرٍ، وثانيهما أنّها أهونُ الخسارات !