ترجمة: يسرا محمد مسعود
تُعَدّ أدوية حاصرات بيتا من العلاجات الشائعة التي تُوصف بعد الإصابة باحتشاء عضلة القلب. غير أنّ دراسة حديثة نشرت في “المجلة الطبية نيو إنجلاند” بتاريخ 30 أغسطس، وأُعلن عنها خلال مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب، كشفت أنها قد لا تحقق الفائدة المرجوّة، بل قد تكون ضارة في بعض الحالات.
منذ أربعة عقود، استُخدمت حاصرات بيتا على نطاق واسع لعلاج الأمراض القلبية والاضطرابات المرتبطة بالأوعية الدموية. وتقوم هذه الأدوية بإبطاء معدل ضربات القلب، وتقليل استهلاك القلب للأكسجين، والحد من اضطرابات النظم القلبي. ورغم ما كان يُروَّج عن فعاليتها في الوقاية من النوبات القلبية، فإن نتائج البحث الأخير تضع علامات استفهام حول هذه المعتقدات الطبية الراسخة.
فعالية حاصرات بيتا بعد النوبة القلبية
تهدف حاصرات بيتا، من الناحية النظرية، إلى تخفيف العبء الواقع على القلب بعد الإصابة، من خلال تقليل احتمالية تكرار الأزمة القلبية وخفض الضغط على الشرايين. وفي بعض الحالات التي يعاني فيها المريض من ضعف في وظائف القلب، يمكن أن تُسهم في تحسين أدائه الوظيفي.
وللتحقق من هذه الفرضية، أجرى الباحثون دراسة شملت أكثر من 8500 مريض من إسبانيا وإيطاليا، جميعهم تعرضوا لنوبة قلبية، مع بقاء وظائف القلب لديهم طبيعية. تم تقسيم المرضى إلى مجموعتين: الأولى تلقت حاصرات بيتا عقب الخروج من المستشفى، فيما اتبعت الثانية العلاج التقليدي دون هذه الأدوية. وبعد متابعة استمرت ثلاث سنوات ونصف، لم تُسجَّل فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين فيما يتعلق بمعدلات الوفاة أو تكرار النوبة القلبية أو الدخول للمستشفى بسبب قصور القلب.
الآثار الجانبية لدى النساء
على الرغم من النتائج السابقة، لاحظ الباحثون تباينًا بين الجنسين. فقد تبين أن النساء اللاتي تلقين حاصرات بيتا كنّ أكثر عرضة للآثار الجانبية، إذ سُجّل لديهن خطر مطلق للوفاة أعلى بنسبة 2.7% مقارنة بمن لم يتلقين العلاج.
غير أنّ هذا الخطر اقتصر على النساء اللواتي احتفظن بوظائف قلب طبيعية تمامًا بعد النوبة القلبية. أما النساء اللواتي أظهرن تراجعًا طفيفًا في وظائف القلب، فلم يُلاحظ لديهن ارتفاع في المخاطر بعد العلاج. بل على العكس، كنّ أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية جديدة أو الدخول للمستشفى بسبب قصور القلب.
موانع الاستعمال
لا تقتصر المخاطر المرتبطة بحاصرات بيتا على ما ظهر في هذه الدراسة، إذ إن لهذه الأدوية آثارًا جانبية معروفة، منها: بطء شديد في ضربات القلب، واضطرابات النوم والهضم، إضافةً إلى إمكانية تفاقم أعراض الربو أو التسبب في انخفاض مستوى سكر الدم.
كما توجد موانع استعمال تستوجب الحذر، لا سيما لدى مرضى الانسداد الرئوي المزمن، حيث يمكن أن تؤدي حاصرات بيتا إلى زعزعة استقرار الحالة التنفسية. أما مرضى السكري، فيواجهون خطورة إضافية، إذ قد تخفي هذه الأدوية الأعراض التحذيرية لنقص السكر في الدم. ومن ثم، يبقى استشارة الطبيب أمرًا أساسيًا قبل تناول هذه الأدوية، لتحديد مدى ملاءمتها لكل حالة على حدة.
المصدر: