الجمعة, أكتوبر 17, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةأخبار عالميةالجميلة والعاصفة| جورجيا ميلوني من روما إلى شرم الشيخ أنوثة تتحدى البروتوكول...

الجميلة والعاصفة| جورجيا ميلوني من روما إلى شرم الشيخ أنوثة تتحدى البروتوكول وتخطف الأضواء من زعماء القمة

كان البحر الأحمر يلمع كمرآة زرقاء في شمس أكتوبر، حين هبطت طائرة الحكومة الإيطالية في مطار شرم الشيخ لتخرج منها امرأة بخطواتٍ واثقةٍ كأنها تعرف أن الكاميرات تنتظرها قبل أن يعلن البروتوكول اسمها. جورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا، جاءت إلى قمة السلام في مدينةٍ اعتادت أن تجمع المتناقضات: السياسة والشمس، الحرب والهدنة، الجدّ والابتسامة.

لكنّها لم تكن ضيفة عابرة؛ بل بطلة مشهدٍ دوليٍّ فاجأ العالم. لم يلتفت الناس إلى أوراق القمة بقدر ما انشغلوا بتلك المرأة التي استطاعت أن تمزج بين حزم الحديد ورقّة الحرير في لحظة واحدة.

من أزقة روما إلى قاعات القمة

وُلدت جورجيا ميلوني في قلب روما القديمة، في حيٍّ متواضعٍ تفوح منه رائحة القهوة والجدالات السياسية. طفلةٌ بعينين حادتين كالنسر، كانت تراقب نشرات الأخبار وتقلّد المذيعين قبل أن تبلغ العاشرة. لم تكن تحلم بفستانٍ أبيض، بل بكرسيٍّ في البرلمان.
كبرت في بيتٍ منقسمٍ بين صقلية وسردينيا، فتعلمت مبكرًا أن الانتماء هو معركة دائمة بين القلب والعقل. انضمت في شبابها إلى جبهةٍ يمينيةٍ صارمة، وبدت كمن يركب عاصفةً لا يخافها بل يقودها.
ومن قاعات الجامعات إلى أروقة الحكومة، صعدت ميلوني ببطءٍ عنيدٍ حتى جلست على مقعد رئاسة الوزراء، أول امرأةٍ في تاريخ إيطاليا تفعل ذلك، لتقول للعالم إن «الرقة لا تُقصي الصلابة».

سياسية من ضوءٍ وظلال

جورجيا ميلوني تشبه لوحةً من عصر النهضة؛ نصفها ظلّ، ونصفها شمس.
اتهمها خصومها بالتواطؤ في الحرب، وبالانحياز، وبالتمسك بالماضي، لكنها لا ترد كثيرًا، بل تكتفي بابتسامةٍ تُشبه السيف المغمد.
في سبتمبر 2025، أوقفت أسطول المساعدات المتجه إلى غزة بحجة “التوازن الدبلوماسي”، فاتهمها البعض بالقسوة، واعتبرها آخرون حاميةً لمصالح بلادها.
هي ليست يسارية ولا يمينية كما يعرفها الناس؛ إنها امرأة تؤمن بأن السياسة ميدانٌ للغريزة والعقل معًا.

قمة شرم الشيخ.. حيث التقت السياسة بالدراما

في القاعة الفخمة المطلة على البحر، كانت القمة أشبه بمسرحٍ من وجوهٍ متوترة، حتى دخلت ميلوني بثوبٍ رماديٍّ أنيق وابتسامةٍ واثقةٍ تشبه بداية فصلٍ جديد من الرواية.
جلست بين دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان، وكأن القدر تعمّد أن يضعها بين نقيضين من العالم السياسي.

وفي لحظةٍ غير متوقعة، قال ترامب بصوته المعروف:
“You don’t mind being called beautiful, right? Because you are.”
(هل تمانعين أن يُقال إنك جميلة؟ لأنك كذلك).

ضحكت ميلوني بخفةٍ لا تملكها سوى من تعرف متى تستخدم السحر كدبلوماسية.
ثم أضاف أردوغان مازحًا:
“You look great, but stop smoking.”
(تبدين رائعة، لكن توقفي عن التدخين).

ضحك الحاضرون، ودوّى المشهد في الإعلام كالنار في الهشيم؛ بين من رآها لحظة مغازلة سياسية، ومن اعتبرها استعراضًا للودّ وسط العواصف. لكن المؤكد أن ميلوني كانت — في تلك اللحظة — مركز الجاذبية في قاعة تعجّ بالقادة.

بين الحلفاء والخصوم… راقصة على حبل السياسة

تعرف ميلوني كيف تمشي على الخيط الفاصل بين واشنطن وبروكسل.
تتقن لغة المصالح كما تتقن لغة الجسد، وتدرك أن النظرة أحيانًا أقوى من البيان الدبلوماسي.
هي التي زارت مار-أ-لاجو قبل أشهر لتلتقي ترامب، وتهمس في أذنه عن «جسرٍ بين أمريكا وأوروبا».
تسعى لتكون امرأة التوازن في زمن الانقسام، فلا تُغضب أوروبا، ولا تُبعد أمريكا، وتبقى إيطاليا — من خلالها — صوتًا مسموعًا على مائدة الكبار.

امرأة تصنع الأسطورة

في عالمٍ اعتاد أن تُصنع قراراته في الظلال، جاءت ميلوني لتصنع الضوء.
سياساتها مثيرة، ومواقفها مثار جدل، لكنها تعرف أن الصورة تُحدث ما لا تفعله الخطب.
حين تتحدث عن الهوية الوطنية، يتهمونها بالعنصرية، وحين تبتسم لخصومها، يتهمونها بالمكر.
لكنها تعرف تمامًا ما تفعل.

في قمة شرم الشيخ، كانت ميلوني أكثر من رئيسة وزراء.
كانت امرأةً تمزج بين السياسة والأسطورة، بين الأنوثة والسلطة، بين الدبلوماسية والجاذبية.
وحين غادرت الطائرة الإيطالية أرض سيناء، بقي اسمها في العناوين، كأنها لم تحضر قمةً سياسية فحسب، بل كتبت فصلاً جديدًا في رواية النساء اللواتي يغيّرن ملامح التاريخ من مجرد نظرةٍ أو كلمةٍ عابرة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات