الأحد, أكتوبر 5, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةمقالاتالاعتداء على الدوحة .. شرارة التحالفات العسكرية الإسلامية الجديدة

الاعتداء على الدوحة .. شرارة التحالفات العسكرية الإسلامية الجديدة

alekhbary.com pNPXPEga

      بقلم- د. على أحمد جاد 
      أستاذ العلوم السياسية

شكّل الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة بدعم وتغطية أمريكية، نقطة تحوّل فارقة في مسار الأمن الإقليمي، ولم يكن الاستهداف مجرد حادثة عابرة بل كان رسالة واضحة مفادها أن السيادة العربية والإسلامية ليست بمنأى عن العدوان المباشر، وأن التواطؤ الدولي مع إسرائيل يفتح الباب لمزيد من الفوضى والإخضاع، غير أن الرد لم يأتِ فقط في صورة بيانات إدانة، بل بدأ يتجسد في الحراك الاستراتيجي نحو بناء المنظومة الدفاعية الإسلامية الجديدة.

وفي هذا السياق تبرز اتفاقية الدفاع بين المملكة العربية السعودية وباكستان كخطوة تحمل أبعادًا أبعد من التعاون الثنائي، فهي تعكس وعيًا متناميًا بأن الحماية لا يمكن أن تأتي من المظلة الغربية التي تكيل بمكيالين، بل من بناء الشراكات الإسلامية الصلبة، وباكستان بقوتها النووية وخبراتها العسكرية إلى جانب السعودية بما تملكه من الثقل السياسي والاقتصادي والروحي، تشكلان معًا ركيزة لتحالف قادر على مواجهة أي تهديدات تستهدف الأمن الإقليمي.

وإلى جانب ذلك جاء التقارب العسكري المصري التركي ليكمل المشهد، فالقاهرة وأنقرة تدركان اليوم أن خلافاتهما السابقة لم تخدم سوى خصوم الأمة، وعلى رأسهم إسرائيل التي استفادت من الانقسام لتمرير مشاريعها التوسعية، ومن هنا فإن التنسيق بين أكبر قوتين في شرق المتوسط يفتح الباب أمام إعادة توازن كفة القوى، ويمنح العرب والأتراك هامش مناورة أوسع في مواجهة التهديدات المشتركة.

والمغزى العميق من هذه التطورات أن الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة كان الشرارة التي دفعت العواصم الإسلامية إلى إعادة التفكير في بنية أمنها القومي، فلم يعد مقبولًا أن يبقى العرب والمسلمون أسرى التحالفات الدولية التقليدية التي أثبتت فشلها وانحيازها، واليوم تتشكل نواة التحالفات العسكرية الإسلامية السعودية الباكستانية من جهة، والمصرية التركية من جهة أخرى لتعكس إدراكًا جماعيًا أن الأمن لا يُستورد، بل يُبنى على قاعدة التعاون والاعتماد المتبادل.

وإذا ما استمرت هذه الديناميات في التبلور فقد نشهد خلال السنوات القادمة تشكّل تحالف دفاعي إسلامي واسع النطاق، يشبه إلى حد ما ناتو إسلامي، يستند إلى القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية المشتركة، ويضع حدًا لعقود من التبعية والضعف، ومثل هذا التحالف لن يكون مجرد تكتل عسكري، بل مظلة استراتيجية لإعادة صياغة العلاقات الدولية، حيث يتحول العالم الإسلامي من ساحة للصراعات إلى لاعب أساسي في معادلة الأمن العالمي.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات