يشهد الذكاء الاصطناعي اهتماماً متزايداً في مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الحكومة المصرية والمؤسسات الأكاديمية والشركات الخاصة تعي الامكانيات الضخمة التي يقدمها هذا المجال لتعزيز التنمية الإقتصادية والاجتماعية، وتحسين جودة الخدمات العامة، وزيادة القدرة التنافسية للبلاد على الصعيد الدولي.
1. جهود الحكومة المصرية:
بدأت الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة بوضع سياسات واستراتيجيات لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي. ففي عام 2019، أطلقت وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية التكنولوجية وخلق بيئة مواتية لدعم الابتكار في هذا المجال. كما تم إنشاء المجلس القومي للذكاء الاصطناعي لقيادة الجهود وتقديم التوجيهات اللازمة في تطوير هذه التقنية.
2. التعليم وتدريب الكوادر:
بدأت الجامعات المصرية أيضاً بتقديم برامج دراسات تتعلق بالذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، كما هو الحال في جامعة القاهرة، وجامعة عين شمس، والجامعة الأمريكية بالقاهرة. تهدف هذه البرامج إلى إعداد خريجين ذوي مهارات قادرة على العمل في مجالات مثل تحليل البيانات، وتعلم الآلة، والتطبيقات الذكية، هذا بالإضافة إلى المبادرات الحكومية التي تهدف إلى تدريب الشباب على التقنيات الحديثة من خلال برامج مثل “مبادرة شباب مصر الرقمية” التي تقدمها وزارة الاتصالات.
3. تطبيقات الذكاء الإصطناعي في مصر:
توجد العديد من التطبيقات التي يتم العمل عليها في مصر باستخدام الذكاء الاصطناعي، ومن أهم هذه التطبيقات:
* القطاع الصحي: تستخدم مستشفيات ومراكز طبية الذكاء الاصطناعي لتحسين التشخيص الطبي وتقديم العلاجات الدقيقة، خاصة في مجال الأشعة والتحاليل الطبية.
* التعليم: بدأت بعض المدارس والجامعات في مصر باستخدام أنظمة تعليمية ذكية تساعد على تخصيص المحتوى الدراسي لكل طالب، مما يسهم في تحسين أداء الطلاب وتسهيل عملية التعلم.
* الزراعة: تطبيقات الذكاء الاصطناعي تساعد في مراقبة صحة المحاصيل، وتحليل الطقس، وتقديم توصيات حول أفضل الأوقات للري والتسميد، مما يسهم في تحسين جودة الإنتاج الزراعي.
* الأمن والسلامة: تعتمد بعض الوزارات والمؤسسات الأمنية على تقنيات التعرف على الوجوه وتحليل البيانات لضمان الأمن في الأماكن العامة.
4. تحديات تواجه الذكاء الاصطناعي في مصر:
رغم التقدم الملحوظ، ما زالت هناك تحديات تواجه تطوير الذكاء الاصطناعي في مصر، أبرزها:
* نقص التمويل: يعد التمويل المحدود من أهم العوائق أمام المشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
* نقص الكفاءات: على الرغم من ازدياد أعداد المتخصصين، لا يزال هناك حاجة ملحة إلى تدريب عدد أكبر من الكفاءات المتخصصة في هذا المجال.
* البنية التحتية: ما زال هناك نقص في بعض المناطق في البنية التحتية التكنولوجية التي تتيح للشركات تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي.
5. المستقبل والتوجهات القادمة:
يتوقع أن يزداد استخدام الذكاء الاصطناعي في مصر بمرور الوقت مع زيادة الوعي بقدراته على تحسين مختلف القطاعات. كما تعتزم الحكومة المصرية تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية والمؤسسات الدولية في هذا المجال، بهدف تبادل الخبرات والتكنولوجيا وتطوير الكفاءات المحلية.
بفضل هذه الجهود، يمكن القول أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو بناء اقتصاد رقمي يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا، مما سيسهم في تحسين الحياة اليومية للمواطنين وتعزيز التقدم الاقتصادي.
(*) مدرس مساعد الدراسات اليهودية – كلية الآداب جامعة المنصورة.