الأربعاء, أبريل 16, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةأدبخالد حسن النقيب يكتب : " توحيدة ..! "

خالد حسن النقيب يكتب : \” توحيدة ..! \”

توحيدة …….. !
قصة بقلم .. خالد حسن النقيب
لململت الحاجة توحيدة أحزانها فى صدرها و خرجت تتوكأ على عصا تسأل كاتب المحكمة فى المركز أن يكتب لها طلبا للحصول على معاش من زوجها الذى رحل و تركها بلا عائل و لا ولد .
فى الطريق الموازى للترعة كانت السيارات تنطلق كالبرق لا تلوى على شىء .
عبثا حاولت أن تشير لواحدة منهن أن تتوقف .
إشتعلت الشمس فى رأسها و انتصف النهار و لم تغادر القرية .
من بين قطرات العرق المنساب على وجهها المتهالك لمحت سيارة تتوقف إلى جانب الطريق كان صاحبها يبحث عن ماء للسيارة .
فى خطوات أثقلتها سنوات العمر الفائت و أمراض الشيخوخة ذهبت للرجل و أعطته زجاجة المياه التى أحضرتها معها .
شكرها الرجل و طلب توصيلها لأى وجهة تريدها .
فى الطريق عرف حكايتها و كيف تلقت موت وليدها الوحيد و هو بعد فى العقد الثانى من عمره عندما صدمه سائق موتور على هذا الطريق منذ بضعة سنوات .
و كيف اختطف منها الموت زوجها منذ ثلاثة أشهر و لولا حاجتها لما يسد أودها ما خرجت تطلب معاشا .
قالت توحيدة إنها تحصل على مئة و ثمانون جنيها معاشا بعد وفاة ابنها و كانت قانعة مستورة فزوجها رغم مرضه وو هن سنه كان يعمل و يكفيها الحاجة .
لكنه مات و عزة نفسها تمنعها من السؤال .
تحدثت العجوز كثيرا و لم يكن السائق معها .. كان يفكر فى أشياء أخرى و توقف أمام المحكمة و فى لطف أنزلها و انطلق مسرعا .
تلقف العرضحالجى بضعة قروش من توحيدة و أعطاها طلب المعاش .
تاهت العجوز فى غياهب الروتين تتردد كل يوم على مكاتب الموظفين بحثا عن المعاش حتى جاء يوم بشرها الموظف بانتهاء الإجراءات و هرولت المرأة بفرحة منهكة إلى الصراف لتجد المعاش المقدر لها سبعين قرشا لا غير .
تجمدت فى مكانها فيما كان الصراف يقول إن فارق ما يستحق من المعاش هو تلك القروش لوجود معاش عن اﻹبن الراحل .
على باب التأمينات كان يتلفت يمينا و يسارا حتى وجدها ..
نفس الرجل ذو السيارة الملاكى .. أمسك بيدها و أجلسها فى السيارة و اتجه بها إلى بيته .. سألته مندهشة و لكنه لم يجب ..
فى البيت كانت زوجته وابنه يقفان قبالتها .
ضم صغيره و قال له هذه يا ولدى الأم التى ثكلت ولدها الوحيد قبل أن تأت أنت إلى الدنيا ..
و أنا يا ولدى ذلك السائق المتهور الذى صدمه ..
و اليوم أعترف لك أمامها أنى بك تبدل حالى و ليتها تسامحنى ..
عندما رأيتها على الطريق و عرفت أنها أم من قتلت خفتها و هربت و لكنى لم أهرب من نفسى و جئت بها اليوم كى أتطهر من ذنبى .
استدار يطلب منها العغران فوجدها على السلم تستند إلى الجدار و يدها تطبق على الخمس و سبعين قرشا المعاش .. !

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات