الأربعاء, أبريل 16, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةدراسات علميةالطب في زمن الفراعنة

الطب في زمن الفراعنة

كتب: محمد حسين زغلة _

يجب أن نفخر بتاريخنا وأجدادنا الفراعنة الذين وصولوا إلى أعلى درجات العلم في كل المجالات، وللآن لازال العالم الغربى، المفترض بأنه حقق تقدما مذهلا في العلم، يبحث في التاريخ الفرعوني
عن إجابات لأسئلة كثيرة
لازالت معلقة ولم يتوصلوا لها بعد إلى اليوم.

هذا الإعجاب الشديد بمصر الفرعونية ليس جديداً فقد تعرف العديد من الفلاسفة في العصر القديم
في الغرب على الحضارة المصرية وتأثر بها من
خلال إقامتهم فيها وعلى ضفاف \”نهرها الخالد\”
لذا فقد أثرت الحضارة
المصرية على تفكير فلاسفة غربيين مثل هومير وأفلاطون وفيثاغوراس وبلوتارك وتاليس
وهيرودوت، وآخرين.

واستطاع هؤلاء الفلاسفة من خلال كتاباتهم أن يقيموا الروابط بينهم وبين الحضارة المصرية، وهى الروابط التي انقطعت بعد حرق مكتبة الإسكندرية وحرق المعابد المصرية وظلت الحضارة الفرعونية القديمة مغلقة على نفسها الى أن اكتشف شامبليون حجر رشيد في عام 1822 واستطاع أن يترجم ويكشف اللغة الهيروغليفية، وهنا تم أحياء الحضارة المصرية مرة أخرى,  ومع دراسة التاريخ الفرعونى اكتشف العالم التقدم المذهل الذى حققه المصريون القدماء في مجالات عديدة مثل الفلك والعمارة والهندسة والطب.

من خلال الوثائق الطبية اكتشف الغرب أن المصريين، قبل 30 قرن من ابوقراط، الذى علم الغرب الطب، واعتبر \”أبى الطب\” الحديث، كان هناك طب مصري قديم، تم توثيقه وتنظيمه بدقة متناهية، واثر بشكل لا لبس فيه، فى الفكر الطبي للعبرانيين والإغريق والرومان.

وفى نهاية القرن التاسع عشر بدأ اهتمام العلماء بالطب المصري يتزايد خاصة بعد اكتشاف وترجمة ورق البردي الذي يحمل معلومات طبية, وان كانت الاكتشافات الأولى ظلت غير محددة المعلومات، مما أدى إلى التصور بان الطب المصري القديم ليس إلا مجموعة من الممارسات السحرية ليس لها أى سند علمي, ولقد فتح باب الجدل بين الخبراء فى ذلك الوقت حول أهمية المعلومات الطبية المصرية القديمة وقيمتها. فكان هناك من يرى أهميتها فى فهم الأمراض وطريقة علاجها، وهناك من كان يرى أنها مجرد خزعبلات.

ولكن خلال الثلاثين عام الأخيرة من القرن التاسع عشر، حدثت طفرة كبيرة فى علم الطب
وفى العلوم المصرية، وذلك مع تعميق فهم اللغة
الهيروغليفية واكتشاف وثائق أكثر كان من شأنها تعميق المعلومات التي لدى الأطباء في ذلك الوقت فى مجالات: علوم الأوبئة، وعلوم الأمراض
وعلوم الأدوية والمداواة
.

من هم الأطباء المصريين ؟

يقدم برونو المجتمع الطبي وأطباءه في مصر, فهناك أطباء العيون والأسنان والجراحين وخبراء الطب الداخلي, كما أن التقدم الذي أحرز في مجال التشريح سمح التأكد من المعلومات التي حصل عليها من الوثائق الخاصة ببعض الفراعنة الكبار.

ولكن الكيان الطبي كان يتكون من الممثلين الثلاثة للجسد الإنساني: الطبيب الكامل، القسيس الكامل التابع للإله سخمت، و\”سيركيت الذى يضع يده أو أصابعه على الرأس أو على العنق أو على اليدين او على المقعد الداخلي..\”, كما ان هناك فرق بين الطبيب العلماني \”سونو\” وفى المقابل رجل الدين التابع لسخمت والذي يعتبر من رجال الدين الذين يمارسون الطب، وفى المقابل الساحر التابع لسيلكيت أو سيلكيس.

هذا التقسيم للمهام يفسر الفكر العام للطب فى مصر القديمة, فكان المصريون يرون أن من يعانى من مرض أو من آلم فهو فى الغالب الأعم ضحية قوة سلبية، بل مس من الشيطان, لذا فكان على الطبيب أن يحارب القوة الخفية وغير العقلانية التي تهدد الجسد, عليه أن يحارب الأسباب الرئيسية والاعمق للمرض، وذلك سواء عن طريق كلمات سحرية أو إنشاد دينى.

وتدريجيا يبدأ الشكل العلمي والعقلاني للطب يفرض نفسه، وذلك عندما تنجح بعض الأدوية في العلاج. ويرى برونو أن في مصر القديمة الدين يعد الأرضية التي صعد عليها العلم, وعبر 3500 عام كان هو الذى ينظم ويدير الحياة اليومية لكل شخص من الفرعون الى ابسط مواطن، وهو الذى كان يضمن استمرار النظام ضد الفوضى.

المجتمع المصري وأمراضه :

الأمراض تعكس نمو وتطور المجتمع، لذا قام برونو بأبحاث عديدة عن المجتمع المصري القديم ومشاكله اليومية من لحظة الولادة إلى الموت.

واستطاع برونو الحصول على كمية كبيرة من المعلومات أخذها من البرديات الخاصة بالطب، كما قام بدراسة عدد من الموميات غير المعروف شخصيتها.

تحدث برونو عن آلام الطفولة والتحولات الجسدية مع الشباب، والمخاوف من الشيخوخة
حيث كان يتم استخدام منتجات ضد التجاعيد؛ كما كتب عن الأمراض المهنية خاصة للعاملين
في المناجم والصيادين في نهر النيل والكتبة، والإمراض الخاصة بهم مثل الإصابة بالإمساك
وتدهور حالة الأسنان.

 بيوت الحياة :

بيوت الحياة هي بمثابة صومعة يستكمل فيها الطبيب تكوينه, في تلك المنازل هناك نشاطات طبية ودينية وهناك أيضا قسم للسحر الطبي, وهناك يقوم \”كتبة بيوت الحياة\” بكتابة ونسخ الوثائق القديمة الدينية والطبية. فكانوا يمثلون \”كلية من العلماء المسئولين عن حماية حياة الملك والآلهة\”. يرى برونو انه فى هذه البيوت تم نسخ كل الكتب القيمة التي كتبت على ورق البردي.

كما يمكن مقارنة تلك البيوت بمراكز ثقافية حيث يجتمع مع الكتبة المتخصصين، الأساتذة والأطباء وعلماء الفلك، يقدمون النصائح لمن يريد ويجيبون على الأسئلة لمن يتساءل خاصة
في مجالات الطب والدين, وكان يطلق عليهم \”أساتذة أسرار بيت الحياة\”, و\”مديرو الكتابة
فى بيت الحياة\”.

إن علينا نحن المصريين، دينا كبيرا لأجدادنا؛ وبدلا من ان نظل نعتمد عليهم في الصرف علينا سواء من خلال السياحة أو إرسال ملوكنا يجوبون العالم من اجل ضخ المال إلى خزائنا، علينا أن نبحث في تاريخهم ونعود إلى جذورنا التي يهتم بها الآخرون، ربما وجدنا هناك الإجابات على الأسئلة التي تحيرنا اليوم.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات