الجمعة, يونيو 27, 2025
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةدنيا وديناستحضار القلب في لحظات النزول الإلهي

استحضار القلب في لحظات النزول الإلهي

متابعة- حنان الجارحى

في ظلام الليل، حي ن يهدأ الكون وتخفت الأصوات، يُفتح باب من أبواب الرحمة لا يُشبهه باب. إنه الثلث الأخير من الليل، الوقت الذي أخبرنا عنه النبي ﷺ أنه وقت نزول الربّ سبحانه إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله، فيقول: “هل من داعٍ فاستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟” رواه البخاري ومسلم.

هذا النداء الإلهي ليس نداءً عادياً، بل هو نداء محبة ورحمة، نداء يُنادي فيه العزيز الغفور على عباده الضعفاء، يدعوهم إلى بابه، يطلب منهم أن يسألوه ليعطيهم، أن يستغفروه ليغفر لهم، أن يُقبلوا عليه ليحتضن أرواحهم المنهكة ويجبر كسرها.

فهل نستحضر قلوبنا؟

كثيرون يقومون الليل، لكن القليل من يستحضر قلبه، فيشعر وكأنه واقف بين يدي الله حقيقة. أن تقوم وأنت تستشعر أن خالق السماوات السبع قد تنزّل يناديك، هو مقام عظيم، ومرتبة لا يبلغها إلا من صفّى قلبه من الغفلة، وأيقن أن الله يراه ويسمع نجواه.

كيف نُحْضِر قلوبنا في هذا الوقت المبارك؟

1. بالتفكّر في عظمة هذا اللقاء: كيف لا يخشع القلب وربّ العرش ينزل ينادي؟ يكفي أن تستشعر أن الله يسمعك الآن، لا تفصل بينك وبينه حُجُب، ولا تحتاج إلى ترجمان، فقط أن تقول: “يا رب”، فيجيبك.

2. بصدق التوجه: لا تجعل قيامك عادة، بل نافذة لقاء. قل: “يا رب، جئتك منكسرًا، لا شيء لديّ إلا أملي بك”، وسترى كيف تلين قسوة القلب.

3. بتذوق لذة المناجاة: تكلّم مع الله كما لم تتكلم مع أحد، اخبره عن ضعفك، عن خوفك، عن ذنوبك، واطلب منه ما شئت، فإنه كريم لا يرد من رجاه.

4. بالدمعة الصادقة: إن سالت دمعة من قلب خاشع في هذا الوقت، فهي أغلى من الدنيا وما فيها. قال ابن القيم: “لو نزلت من خشية الله دمعة واحدة، لكانت سببًا في نجاتك.”

الدعاء في الثلث الأخير ليس كغيره

في هذا الوقت تُفتح أبواب السماء، وتُرفع الحُجب، ويُكتب الدعاء، ويُقال للملك: “اكتب له ما أراد”. فلا تبخل على نفسك، واطلب كل ما في قلبك. سل الله الهداية، والستر، والثبات، ورِقّة القلب، وسعة الرزق، وصلاح الأحوال.

وفي الختام ..

كم من دمعة سُكبت في هذا الثلث الأخير، فكانت سببًا في رفع البلاء، وكم من دعوة خاشعة قلبت الموازين، وكم من قلب ضائع وجد طريقه حين وقف في هذا الوقت وقال: “يا رب، دلّني عليك”.

فلا تحرم نفسك، وأنت تعلم أن الله ينزل ويُناديك:
“هل من داعٍ فأستجيب له؟”

قم، وكن أنت ذلك الداعي .. واحتضن قلبك في حضرة الله.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات